Tarbiyada iyo Waxbarashada Islaamka
التربية والتعليم في الإسلام
Noocyada
ونحن إذا رحنا نتتبع المناهج التي ذكرها المؤلفون الإسلاميون في كتبهم في القديم والحديث نجدها كلها تحوم حول محورين؛ أولهما: محور المواد الواجب درسها، والثاني: محور المواد الاختيارية. فالمحور الأول يحيط به مباحث ترويض الجسم وتعليم القراءة والكتابة ودرس القرآن وبعض أخبار السنة ومعرفة أوليات الدين والعربية والحساب، والمحور الثاني يحيط به التوسع في دراسة علوم القرآن والدين وبحوث اللغة وآدابها ودراسة الحساب وما إليه من العلوم. وقد كانت هذه المناهج متبعة منذ زمن الرسول وخلفائه الراشدين والأمويين وصدر العباسيين لأنها كانت تلائم البيئة الاجتماعية التي يحياها العرب المسلمون بصورة عامة في تلك الأزمان، فلما تطورت الحياة وتعقدت وسمت في سبيل الحضارة بعد صدر العصر العباسي، تطورت المناهج الدراسية في الدور الثاني، وأضحى التعمق في علوم الفلسفة والكلام والعقائد والآداب من شعر ونثر وتجويد وخط وفنون رفيعة وما إلى ذلك، وقد ظلت هذه المواد في سمو طول العصر العباسي، فلما انحطت الأمة بعد سقوط الدولة العباسية انحطت البرامج وتراجع الناس إلى برامج ساذجة لا تهتم بتنمية الجسم والعقل ولا تعمل على إذكاء روح البحث والجدل، وإنما ترمي إلى حشو الأدمغة ببعض القشوريات ومباحث الجدل والتصرف. ولم يقتصر هذا الأمر على تعلم الشبان في الكتاتيب الأولية، بل تعداه إلى تعليم الكبار في المعاهد العالية قليلا، وأصبحت المناهج عبارة عن محفوظات ومكررات ومماحكات لقضية لا طائل كبيرا تحتها بعد أن كانت مناهج رفيعة تهدف إلى رفع مستوى الطالب الفكري والاجتماعي والعقلي. (3-4) المناهج
انقسمت مناهج البحث والتعليم في الإسلام بعد أن تطورت العقلية العربية في العصر العباسي إلى قسمين: قسم حافظ على المنهج العربي الخالص ولم يمزجه بشيء من الثقافات غير العربية وآرائها ومحتوياتها؛ وهو منهج أصحاب الحديث في الحجاز والشام ومصر والمغرب. وقسم أضاف إلى المنهج العربي القديم مباحث جديدة استقاها من ثقافات جديدة؛ وهو منهج أهل الرأي، وهم أهل العراق.
قال الشهرستاني: المجتهدون من الأئمة محصورون في صنفين لا يعدوان إلى ثالث: أصحاب الحديث، وأصحاب الرأي. أصحاب الحديث - وهم أهل الحجاز - هم أصحاب مالك بن أنس وأصحاب محمد بن إدريس الشافعي
189
وأصحاب سفيان الثوري وأصحاب أحمد بن حنبل وأصحاب داود بن محمد الأصفهاني، وإنما سموا أصحاب الحديث لأن عنايتهم بتحصيل الأحاديث ونقل الأخبار وبناء الأحكام على هذا النحو، ولا يرجعون إلى القياس الجلي والخفي ما وجدوا خبرا وأثرا، وقد قال الشافعي: إذا وجدتم لي مذهبا ووجدتم فيه خبرا على خلاف مذهبي فاعلموا أن مذهبي ذلك الخبر. ومن أصحابه أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني، والربيع بن سليمان الجيزي، وهم لا يزيدون على اجتهاده اجتهادا، بل يتصرفون فيما نقل عنه توجيها واستنباطا ويصدرون عن رأيه جملة ولا يخالفونه بتة.
وأصحاب الرأي - وهم أهل العراق - هم أصحاب أبي حنيفة النعمان، وإنما سموا أصحاب الرأي لأن عنايتهم بتحصيل وجه من القياس والمعنى المستنبط من الأحكام وبناء الحوادث عليها، وربما يقدمون القياس الجلي على آحاد الأخبار. وقد قال أبو حنيفة: علمنا هذا رأي، وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن قدر على غير ذلك فله ما رأى، ولنا ما رأيناه. وهؤلاء ربما يزيدون على اجتهاده اجتهادا ويخالفونه في الحكم الاجتهادي، وبين الفريقين اختلافات كثيرة في الفروع، ولهم فيها تصانيف وعليها مناظرات، وقد بلغت النهاية في مباهج الظنون.
190
والحق أن أصحاب المذهب الأول - وهم أهل الحديث - هم قوم تتبعوا أحاديث الرسول الكريم وآثار الصحابة الأولين فوجدوها وفيرة، واستطاعوا أن يحلوا بها كافة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والدينية التي كانت تحل بهم. أما أصحاب الرأي فقوم لم تتح لهم تلك الكثرة من الأحاديث والأخبار والروايات والآثار، ثم إنهم تشددوا في قبول الأحاديث وصعبوا في شروط الرواية عن الرسول وصحابته فقل الحديث الصحيح عندهم، واضطروا في دراساتهم أن يلجئوا إلى القرآن الكريم ويحكموا فيه عقولهم، ويقيسوا الأشباه بالأشباه، ويجمعوا النظائر مع النظائر، وقد أجمع المسلمون على أن أصول «الاجتهاد» وأركانه أربعة، وهي: الكتاب والسنة والإجماع والقياس.
أما القرآن، فقوله فصل لأنه مروي بالتواتر، وكل ما ورد فيه من الأحكام مقبول قبولا لا يحتمل المناقشة والتأويل.
وأما السنة، فما صح منها مقبول مسلم به، وقد اختلف الأئمة في شرائط المقبول منها.
Bog aan la aqoon