Tarbiya Fi Islam
التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
Noocyada
الحارث عن ابن وهب، قال: سئل مالك عن الغلام يدفع إلى المعلم يعلمه ثلث القرآن، ويشترط ذلك عليه بشيء مسمى، فقال: لا أرى بذلك بأسا. قال أبو الحسن: ولقد مرت بي حكاية لموسى بن معاوية عن معن بن عيسى، قال: جاء رجل إلى مالك قال: علمت رجلا سورة بالأجر، قال: لا بأس به. قال أبو الحسن: وتعليم سورة على المعلم، في حفظ المتعلم لها عناء وشغل، فيمكن أخذ الأجر على ذلك. وحكاية أخرى عن علي بن أبي طالب قال: لا بأس أن يأخذ الرجل من الرجل الأجر على تعليم القرآن، ولا يجوز له إن قال له: أفتني هذا الحرف [41-ب] بجعل، أن يأخذ منه عليه جعلا لأن الحرف أمر يسير؛ أو هو مثل رجل يريد الإسلام فيقول للرجل: علمني الإسلام، فيقول له: فأعطني على تعليمي إياك جعلا، فإن هذا أيضا لا يجوز مع ما فيه من القبح. قال أبو الحسن: فهذا يبين لك أن ما لم يكن على المعلم في تعليمه من الخير مئونة كلفة وتشاغل، أن عليه أن يعلمه لمن لا يعلمه إذا كان لا بد من تعليمه في الوقت. ومثل هذا لو أن أحدا من أهل الكفر أتى لمسلم، فسأله أن يعلمه الإسلام لوجب عليه أن يعلمه ذلك، ولا يسأله عليه أجرا. وإذا علمه الإسلام فليعلمه ما يكون به مسلما: من الشهادة، وصفة الفروض، يخبره أن عليه خمس صلوات يصليهن على طهارة في كل يوم وليلة، ويوقفه على عدد ركوع كل صلاة، ويريه كيف [42-أ] الركوع، وكيف الصلاة، وإن لم يجد من يعلمه القرآن وجب على هذا الذي ابتلي به أن يعلمه أم القرآن ليصلي بها، ولا يأخذ منه على شيء من ذلك أجرا. ثم يذهب هذا الداخل في الإسلام فيتعلم ما يحتاج إليه من زيادة على ما يجب عليه في يومه، ويصير إلى حال الواجدين للتعليم بالأجرة، والذي أجاز أهل العلم أخذ الإجارة على تعليمه القرآن والكتاب، ليس بين من يجيز الإجارة على التعليم اختلاف في ذلك.
فأما تعليم الفقه والفرائض، يستأجر الرجل من يعلم ولده ذلك، فسئل ابن القاسم عنه فقال: ما سمعت - يعني من مالك - فيه شيئا، إلا أنه كره بيع كتب الفقه، فإنا نرى الإجارة على تعليم ذلك لا تعجبني، والشرط على تعليمها أشر. وأما ابن سحنون فذكر في كتابه، قال: [42-ب] قال مالك لا أرى أن يجوز إجارة من يعلم الفقه والفرائض. وقال لابنه: روى بعض أهل الأندلس أنه لا بأس بالإجارة على تعليم الفقه والفرائض والشعر والنحو، وهو مثل القرآن، فقال: كره ذلك مالك وأصحابنا، وكيف يشبه القرآن، والقرآن له غاية ينتهي إليها، وما ذكرت ليس له غاية ينتهي إليها، فهذا مجهول، والفقه والعلم أمر قد اختلف فيه، والقرآن هو الحق الذي لا شك فيه، والفقه لا يستظهر مثل القرآن، وهو لا يشبهه، ولا غاية له، ولا أمد ينتهي إليه. قال ابن حبيب: قلت لأصبغ: فكيف جوزتم الشرط على تعليم الشعر والنحو والرسائل، إذا لم تسموا لذلك أجلا، وهو مما ليس له منتهى ينتهي منه إلى حد معروف؟ فقال لي: هو عندنا معروف بمنزلة الحناطة والخبز، وقد أجاز مالك الشرط على [43-أ] تعليم الحناطة والخبز، وما أشبه ذلك من الصناعات، فإذا بلغ من ذلك مبلغ أهل العلم به من الناس، وجب في ذلك حقه.
قال أبو الحسن: أما الاستئجار على تعليم الشعر لولده: فقال فيه ابن القاسم: قال مالك: لا يعجبني هذا. والذي اختلف فيه من قدمنا ذكره، إنما في إفراد العلم بالإجارة على غير القرآن والكتابة، فأما ما كان من معاني التقوية على القرآن: من الكتابة والخط، فما اختلفوا فيه. ولقد ذكر ابن سحنون أنه ينبغي أن يعلمهم إعراب القرآن، ذلك لازم له، والشكل والهجاء والخط الحسن، والقراءة الحسنة بالتوقيف والترتيل، يلزمه ذلك، ويلزمه أن يعلمهم ما علم من المقارئ الحسنة وهو مقرأ نافع، ولا بأس إن أقرأهم بغيره إذا لم يكن مستشنعا
44 [43-ب]؛ ولا بأس أن يعلمهم الخطب إن أرادوا. قال: ويعلمهم الأدب، فإنه من الواجب لله عليه، وهو من النصيحة لهم، وحفظهم ورعايتهم. وينبغي للمعلم أن يأمرهم بالصلاة إذا كانوا بني سبع سنين، ويضربهم عليها إذا كانوا بني عشر. وكذلك قال مالك؛ أخبرنا عنه عبد الرحمن وقال: قال مالك: يضربوا عليها بنو عشر، ويفرق بينهم في المضاجع. قلت: الذكور والإناث؟ قال: نعم. قال: ويلزمه أن يعلمهم الوضوء والصلاة لأن ذلك من دينهم، وعدد ركوعها وسجودها، والقراءة فيها والتكبير، وكيف الجلوس، والإحرام، والسلام، وجميع التكبير، وما يلزمهم في الصلاة، والتشهد والقنوت في الصبح؛ فإنه من سنة الصلاة، ومن واجب حقها. وليعلمهم الصلاة على الجنائز، والدعاء عليها، فإنه من دينهم؛ وينبغي [44-أ] له أن يعلمهم سنن الصلاة، مثل ركعتي الفجر، والوتر، وصلاة العيدين، والاستسقاء، والخسوف، حتى يعلمهم دينهم الذي تعبدهم الله عز وجل، وسنة نبيهم
صلى الله عليه وسلم ، وليتعاهدهم بتعليم الدعاء ليرغبوا إلى الله عز وجل، ويعرفهم عظمته وجلاله، ليكبروا على ذلك؛ وإذا أجدب الناس، فاستسقى بهم الإمام، فأحب للمعلم أن يخرج منهم بمن يعرف ليبتهلوا إلى الله عز وجل ويرغبوا إليه، فإنه بلغني أن قوم يونس عليه السلام لما عاينوا العذاب خرجوا بصبيانهم يتضرعون إلى الله تبارك وتعالى بهم معهم، فرفع عنهم. وينبغي له أن يعلمهم الحساب، وليس ذلك بلازم له إلا أن يشترط عليه ذلك. وكذلك الشعر، والغريب، والعربية، وجميع النحو، هو في ذلك متطوع. ولا بأس أن يعلمهم الشعر مما لا يكون فيه [44-ب] فحش، ومن كلام العرب وأخبارها، وليس ذلك بواجب عليه؛ كل هذا عند سحنون لا بأس أن يعلمه الذي يعلم القرآن والكتاب، يتطوع به، أو يشترط عليه. فأما إقراره بالإجارة على تعليم هذه الأشياء. ولم يكن القصد إلى تعليم القرآن والكتاب، فسحنون يأباه، كما تقدم عنه كل ذلك، لقول مالك في الإجارة على تعليم الشعر: لا يعجبني. وأما ابن حبيب فقال: لا بأس بإجارة المعلم على تعليم الشعر والنحو والرسائل وأيام العرب، وما أشبه ذلك من علم الرجال وذوي المروءات، لا بأس بالإجارة على ذلك كله. إلا أني أكره من تعليم الشعر وتعلمه وروايته الكبير والصغير، ما فيه ذكر الحمية والخنا، أو قبح الهجاء. قال: وقد ثبتت الرواية عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم [45-أ] أنه قال: إنما الشعر كلام فحسنه حسن وقبيحه قبيح.
45
وقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : إن من الشعر حكمة.
46
Bog aan la aqoon