(فلولا رجائي أنا تثوبا ولا أرى ... عقولكما إلا شديدًا ذهابُها)
(سقيتكما قبل التفرق شربةً ... يمرُّ على باغي الظلام شرابها)
قوله (جعلت) أي شرعت، و(الضغمة) العَضَّة، ومنه قيل للأسد ضيغم، و(القَرع) هنا وصول الناب إلى العظم، وأصله الضرب بشيء صلب في مثله، و(الناب) السن التي خلف الرباعية، وذكر الضغم والقرع والناب استعارة.
وفي معنى البيت وتوجيهه خمسة أوجه، أحدها: أن الضغمة الأولى له، والثانية لهما، أي أن نفسه طابت لأن توقع بهما مصيبة عظيمة لأجل ضغمهما إياه مثلها، فاللام من (لضغمة) تتعلق ب (تطيب)، وهي لام التعدية، واللام من (لضغمهما) متعلقة بضغمة، أو بجعلت، أو بتطيب، وهي لام العلة، وضمير التثنية فاعل، وضمير المؤنث مفعول مطلق، والمعنى: لضغمهما إياي ضغمة مثلها، فحذف المفعول به والموصوف، وأناب عنه صفته، ثم حذف المضاف، وأناب عنه المضاف إليه ووصله شذوذًا.
الثاني: /٣٣/ أن يكون المعنى كذلك، ولكن لا يقدر مثل، بل يكون ضميرًا لمؤنث عائدًا على الضغمة المتقدمة في اللفظ والمراد غيرها على حد قولهم: عندي درهم ونصفه.
الثالث: أن الضغمتين كلتيهما من فعل المتكلم، أي جعلت نفسي لأجل ايذائهما لي تطيب لايقاع ضغمة بهما يقرع العظم نابها، لشدة ضغميهما إياها، فحذف مضافين، الشدة المضافة إلى الضغمتين، وياء
1 / 95