٣- النسطورية: وهم أقلية صغيرة العدد في مصر١.
وقد انتشرت كنائس النصارى في كلّ أنحاء مصر، وكانت غالبيتها ملكًا لليعاقبة بحكم كونهم الأغلبية، فقد أحصى المقريزي ما يزيد على اثنتين وثمانين كنيسة لليعاقبة في الوجه القبلي، كما امتلك النصارى الملكية بعض الكنائس في القاهرة والفسطاط، ووجدت بعض كنائس للأرمن والنساطرة٢.
أما فيما يتعلق بالناحية الاقتصادية في مصر زمن الأيوبيّين وعصر المماليك البحرية فقد كانت منتعشة، وكان المال يأيتها من موارد عدّة، منها: الجزية التي كانت تصلها من الإمارت، والضرائب المعتادة التي تجبى من الشعب، إضافة إلى غنائم الحروب وغيرها، ولم تحدث في عهد الأيوبيّين إلاّ مجاعة واحدة في عهد السلطان العادل سنة٥٩٦هـ استمرت نحو ثلاث سنوات، كان سببها انخفاض مياه النيل، فانتشر القحط، وهرب الناس من مصر إلى الشام وغيرها ومات الناس من التعب والجوع واشتدّ الغلاء٣.
تلك صورة موجزة عن المجتمع المصري زمن المؤلّف، نتعرف من خلالها بعض المؤثّرات في شخصية المؤلّف وتكوينه، إذ لا يخفى أن للبيئة الاجتماعية التي تحيط بالإنسان تأثيرًا فيه بصورة مباشرة أو غير مباشرة، سلبًا أو إيجابًا.
وقد كان المؤلِّف - بحكم وظيفته قاضيًا لمدينة قوص وواليًا عليها - على اتّصال وثيق بمختلف طبقات الشعب مسلمهم وذميهم، كبيرهم وصغيرهم، واطلاع على أمورهم ومشكلاتهم، وتحكيم شرع الله فيهم وإقامة العدل
_________
١ خطط المقريزي ٢/٥١٠، الانتصار لواسطة عقد الأمصار ص ١٠٧، لابن دقماق.
٢ خطط المقريزي ٢/٥١٦-٥١٨، الانتصار لواسطة عقد الأمصار ص ١٠٧-١٠٩، أهل الذّمّة ص ١٢٩، ١٣٠، د. قاسم.
٣ السلوك ١/١٥٦، للمقريزي، البداية والنهاية ١٣/٢٢، ٢٩، مصر في العصور الوسطى ص ٣٨٠-٣٨٣.
1 / 25