Taj Manzur
التاج المنظوم من درر المنهاج المعلوم لعبد العزيز الثميني مج2 من المخطوط
Noocyada
وإن نوى عاجز عن الحج أن لا يحج، أو نوى أن لا يصلي، فالنية في أن لا يفعل أشد منها في أن يفعل. ومن خرج -قيل- من بيته بلا نية، فقد أتى كبيرا، فإن مات عليه فقد هلك؛ وهذا -عندي- لا يناسب أنفاس الشريعة.
وعلى العبد أن ينوي في كل مباح له طاعة الله فيه، لأن هذه الأجساد خلقت ليطاع الله بها.
ومن نوى أن يقتل رجلا غدا، فلم يفعل أثم بنيته. ومن أتى صغيرا ونوى أن يتوب منه غدا أو بعده، هلك إن مات قبله عند الأكثر؛ وقيل: يلزمه في حينه وأصر إن أخره، وهو الأشد كما مر؛ وقيل: لا يقطع عليه بذلك، لأنه دان أن يتوب يوما ما.
فصل
من حسنت -قيل- نيته، استقامت طريقته. ويروى أنه يؤتى بعبد غدا ومعه من الحسنات أمثال الجبال، فينادي مناد: من له على فلان مظلمة فليأخذها، فتؤخذ كلها، فيبقى حيرانا، فيقول له مولانا: إن لك عندي كنزا لم يطلع عليه أحد، فيقول: ما هو يا رب ؟ فيقول له: نيتك في الخير كتبتها لك سبعين ضعفا. وهاهنا أخبار تؤدي هذا المعنى. وفضل الله أوسع من ذلك، لا حرمنا الله منه والمسلمين، آمين.
وكان الحسن يقول: إنما يخلد أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار بالنيات؛ وكذا قال بشير، لأن القصد بالقلوب أبلغ من حركات الجوارح. ومن لم يقرن -قيل- سبعة بسبعة، فهو يعمل في غير معمل: الخوف بالحذر والرجاء بالطلب والنية بالقصد، والدعاء بالجهد، والاستغفار بالندامة، والعلانية بالسريرة، والعمل بالإخلاص.
يحيى بن معاذ: سلامة العمل في ثلاثة: النية في أوله، والصبر في وسطه، والإخلاص عند فراغه. فالواجب استصحاب النية في جميع الأعمال.
Bogga 218