279

Xorriyadda Xarashka

تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن

Baare

الدكتور حفني محمد شرف

Daabacaha

الجمهورية العربية المتحدة-المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

Goobta Daabacaadda

لجنة إحياء التراث الإسلامي

بالضياء الذي تنفذ فيه الأبصار إلى غيره، وغيره ليس بفاعل على الحقيقة، فصار النهار كأنه معدوم، إذ نسب وجوده إلى غير موجد، والليل كأنه لا موجود سواه، إّ جعل كونه سرمدًا منسوبًا إليه سبحانه فاقتضت البلاغة أن يقول: " أفلا تسمعون " لمناسبة ما بين السماع، والظرف الليلي الذي يصلح للإسماع ولا يصلح لإبصار ولذلك قال في الآية التي تليها: " قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدًا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون لأنه لما أضاف جعل النهار سرمدًا إليه صار النهار كأنه سرمد، وهو ظرف مضيء تنور فيه الأبصار، وأضاف الإتيان بالليل إلى غيره، وغيره ليس بفاعل على الحقيقة، فصال الليل كأنه معدوم، إذ نسب وجوده إلى غير موجد، والنهار كأنه لا موجود سواه، إذ جعل وجوده سرمدًا منسوبًا إليه، فاقتضت البلاغة أن يقول: أفلا تبصرون، إذ الظرف معنى صالح للأبصار، وهذا من دقيق المناسب المعنوية. ومنها قوله تعالى: " أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون بمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون، أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعًا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون " فانظر إلى قوله سبحانه في صدر الآية التي الموعظة فيها سمعية " أولم يهد لهم " ولم يقل أولم يروا، وقال تعالى بعد ذكر الموعظة

1 / 364