278

Xorriyadda Xarashka

تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن

Baare

الدكتور حفني محمد شرف

Daabacaha

الجمهورية العربية المتحدة-المجلس الأعلى للشئون الإسلامية

Goobta Daabacaadda

لجنة إحياء التراث الإسلامي

باب المناسبة
المناسبة على ضربين: مناسبة في المعاني، ومناسبة في الألفاظ، فالمعنوية أن يبتدئ المتكلم بمعنى ثم يتمم كلامه بما يناسبه معنى دون لفظ، كقول الله ﷾: " لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير " فإنه سبحانه لما قدم نفي إدراك الأبصار له، عطف على ذلك قوله: " وهو اللطيف " خطابًا للسامع بما يفهم، إذ معترف العادة أن كل لطيف لا تدركه الأبصار ألا ترى أن حاسة البصر لا تدرك إلا اللون من كل متلون، والكون من كل متكون، فإدراكهما إنما هو للمركبات دون المفردات، ولذلك لما قال: " وهو يدرك الأبصار " عطف على ذلك قوله " الخبير " تخصيصًا لذاته سبحانه بصفات الكمال، لأن كل من أدرك شيئًا كان خبيرًا بذلك الشيء، ومثل ذلك قوله ﷿: " قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدًا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون " لما كان سبحانه هو الجاعل الأشياء على الحقيقة، وأضاف إلى نفسه جعل الليل سرمدًا إلى يوم القيامة، صار الليل كأنه سرمدًا بهذا التقدير، وظرف الليل ظرف مظلم لا ينفذ فيه البصر، لا سميا وقد أضاف الإتيان

1 / 363