الموحدية بإفريقية، ومثل الحاكم بأمر الله الفاطمي بمصر الذي انقطع خبره، وزعم أصحابه أنه اختفى فلا يظهر إلا في زمن مرقوب.
الآثار المروية في المهدي:
لقد كثرت الآثار المروية في المهدي المتضمنة أنه يجيْ في آخر الزمان فيملأ الأرض عدلًا مبعد أن ملئت جورًا، وربما خلا بعضها عن ذكر وصف المهدي؛ ولكنه يذكر من صفاته ما يوافق الصفة التي ذكرت في الأحاديث المذكور فيها وصف المهدي، وقد أسندها رواتها إلى ثمانية عشر من الصحابة وهم عثمان وعلي وطلحة وعبد الله بن مسعود وعائشة وأم سلمة وأم حبيبة وأبو سعيد الخدري وأنس بن مالك وأبو هريرة وعبد الله بن عمر وأبو أيوب وحذيفة وأبو أمامة وعمران بن حصين وثوبان مولى رسول الله وقرة بن إياس وعبد الله بن الحارث بأسانيد مختلفة.
ورجال تلك الأسانيد على تفاوتها قسمان:
قسم اختلف أئمة الحديث ونقد الرجال اختلافًا متكافئًا في تعديلهم وتجريحهم، وأسانيدهم هي أمثل أسانيد هذه الآثار، وتلك هي التي رواها الترمذي وأبو داود وابن ماجه ومجموعها ثمانية طرق سنذكرها.
وقسم يأبى جمهور أهل النقد قبولهم وهم الذين انفردت بإخراج أحاديثهم في هذا الشأن المصنفات المعروفة بالخلط بين الصحيح والحسن والضعيف والموضوع، والتساهل في قبول الرواة مثل: معاجم الطبراني، ودلائل النبوة للبيهقي، وتاريخ ابن عساكر، وتاريخ الخطيب، ومستدرك الحاكم، وحلية أبي نعيم.
ونحن نقتصر هنا على أسانيد القسم الأول فإنها أشبه ما روي في هذا الشأن ونترك بقيتها الكثيرة تجنبًا للتطويل، ومجموع أسانيد القسم الأول يرجع إلى ثمانية طرق:
الطريق الأول: روى الترمذي وأبو داود من طريق عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش إلى ابن مسعود عن رسول الله ﷺ: «لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطوَّل الله ذلك اليوم ثم اتفقوا حتى يبعث الله فيه رجلًا من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي».
الطريق الثاني: روى أبو داود من طريق فطر بن خليفة بسنده إلى علي عن رسول الله ﷺ: «لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلًا من أهل بيتي يملؤها
1 / 56