حَتَّى تختاري لنَفسك مَقْصُورَة من مقاصيرنا ونحول إِلَيْهِ جَمِيع مَا تحتاجين إِلَيْهِ ثمَّ لَا نفترق حَتَّى الْمَوْت بَيْننَا فَقَالَت فطفنا بهَا فِي المقاصير فَاخْتَارَتْ وأوسعها وأنزهها وَلم نَبْرَح حَتَّى حول إِلَيْهَا جَمِيع مَا تحْتَاج إِلَيْهِ من الْفرش والكساء والجواري وَالرَّقِيق ثمَّ تركناها وَخَرجْنَا عَنْهَا فَقَالَت الخيزران إِن هَذِه الْمَرْأَة كَانَت فِيمَا قد كَانَت فِيهِ وَقد مَسهَا ضرّ وَلَيْسَ يغسل مَا فِي قَلبهَا إِلَّا المَال فاحملوا إِلَيْهَا خمس مائَة ألف دِرْهَم فَحملت إِلَيْهَا ووافانا الْمهْدي فسألنا عَن الْخَبَر فَحَدَّثته حَدِيثهَا وَمَا لَقيته بِهِ فو الله مَا انْتظر أَن أعرفهُ جوابها حَتَّى وثب مغضبا فِي وَجْهي وَقَالَ يَا زَيْنَب هَل هَذَا مِقْدَار شكر الله على نعمه وَقد مكنك من مثل هَذِه الْمَرْأَة على هَذِه الْحَال الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا فو الله لَوْلَا محلك من قلبِي لحلفت أَن لَا أُكَلِّمك أبدا قَالَت فَقلت قد اعتذرت إِلَيْهَا ورضيت ثمَّ قَصَصنَا عَلَيْهِ قصَّتهَا كلهَا وَمَا فعلت الخيزران لَهَا فَقَالَ لخادم مَعَه احْمِلْ إِلَيْهَا مئة بدرة وادخل إِلَيْهَا وأبلغها السَّلَام عني وَقل لَهَا وَالله إِنِّي مَا سررت مُنْذُ دهري سروري بمكانك وَأَنا أَخُوك وَمِمَّنْ يُوجب حَقك لَا تَدعِي حَاجَة إِلَّا سألتيها وَلَوْلَا أَنِّي أكره أَن أحشمك لصرت إِلَيْك مُسلما عَلَيْك وقاضيا حَقك فَمضى الْخَادِم إِلَيْهَا بِالْمَالِ والرسالة فَأَقْبَلت إِلَيْنَا مَعَه فَسلمت إِلَى الْمهْدي وشكرت لَهُ فعله وأثنيت على الخيزران عِنْده وَقَالَت مَا على أَمِير الْمُؤمنِينَ حشمة أَنا فِي عداد حرمه وَقَعَدت سَاعَة ثمَّ قَامَت إِلَى منزلهَا فخلفتها عِنْد الخيزران كَأَنَّهَا لم تزل فِي ذَلِك الْقصر