(المعنى)
ثم ذكر تعالى نعمة أخرى فقال: ثم يعني بعد أن أخذتهم الصاعقة وماتوا، وقيل: بعثناكم أي أحييناكم، عن الحسن وقتادة وجماعة، وقيل: بعثناكم أنبياء، عن السدي، والأول أوجه؛ لأن ظاهر الكلام يدل عليه، ولأنه ذكره عقيب الموت لعلكم تشكرون أي لكي تشكروا الله على نعمه، وقيل: إنه تعالى أحياهم بدعاء موسى، وذلك أنه تعالى لما أماتهم قعد موسى يبكي ويدعو، ويقول: يا رب ماذا أقول لبني إسرائيل وقد أهلكتهم؟، وهم خيار بني إسرائيل، فأحياهم الله رجلا رجلا ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحييه، حتى أحياهم كلهم.
ويقال: كيف كلفهم بعد ما اضطروا إلى المعرفة بما عاينوا من أحكام الآخرة؟
قلنا: لم يضطروا، ولم يعاينوا، فكان موتهم بمنزلة النوم والإغماء.
ويقال: من الذين سألوا الرؤية؟
قلنا: قيل: هؤلاء صعدوا الجبل يعتذرون لبني إسرائيل في عبادة العجل فلما سمعوا كلام الله طلبوا رؤيته، فأخذتهم الصاعقة، ثم بعثوا، وقيل: سأل غيرهم.
* * *
(الأحكام)
الآية تدل على فساد قول المجبرة في الإرادة في قوله: (لعلكم تشكرون)
والمعنى لكي تشكروا، ولو أراد كفرهم لقال: لتكفروا، عن أبي علي.
ويقال: هل تدل الآية على جواز الرجعة؟
قلنا: لا، وهذا كان معجزة لنبي، ولأنه ليس في إعادة بعض الأحياء دليل على إعادة الكل، وقد قام الدليل أن الناس لا يردون إلى دار الدنيا، وأجمعت الأمة عليه.
ويقال: هل قطع آجالهم بالإحراق؟
قلنا: لا، بل انتهى أجلهم؛ لأن الأجل هو الوقت المضروب للشيء وكان أجل إحراقهم ذلك الوقت، فلما أحياهم كان هذا أجلا ثانيا، كما لو أحياهم في الآخرة.
Bogga 394