{ فلهذا لا يشترط للقضاء } (2) ولا يلزم تكليف ما ليس في الوسع لأن هذا ليس ابتداء تكليف بل بقاء التكليف الأول على ما هو المختار من أن القضاء غنما هو بالسبب الأول لا بنص جديد { فلهذا إذا ملك الزاد والراحلة ولم يحج فهلك المال لا يسقط عنه لأن الحج واجب بالقدرة المكنة فقط لأن الزاد والراحلة أدنى ما يتمكن به على هذا السفر غالبا } دليل على أنهما من القدرة الممكنة حتى لا يشترط بقاؤها لبقاء وجوب الحج ثم الظاهر أنهما من قبيل الآلات التي هي وسائط حصول المطلوب فجعلهما من القدرة الممكنة لا يناقض تفسيرها بسلامة الآلات والأسباب { والمسترة ما يوجب اليسر } أي يسر الأداء على العبد { كالنماء في الزكاة ويشترط بقاؤها لبقاء الواجب لئلا ينقلب إلى العسر } اعترض عليه أولا بأنه يؤدي إلى فوت أداء الزكاة فيما إذا أخر أداء الزكاة خمسين سنة ثم هلك المال وثانيا بأنا لا ثم أنه يلزم من عدم اشتراط بقائها انقلاب اليسر عسرا بل إنما يلزم ثبوت أحد اليسرين وهو النماء مثلا دون الآخر وهو البقاء فإن حصول القدرة الميسرة يسر وبقاؤها يسر آخر والجوب عن الأول التزام الفوات في صورة هلاك المال ولا محذور في ذلك لأنه ما فوت بهذا الجنس على أحد ملكا ولا بدو عن الثاني أن معنى انقلاب اليسر إلى العسر أنه وجب بطريق إيجاب القليل من الكثير يسرا وسهولة فلو أجبناه على تقدير الهلاك لوجب بطريق الغرامة والتضمين فيصير عسرا فليتأمل أنه الميسر لكل عسير { فلا يجب الزكاة في هلاك النصاب بعد الحول بعد التمكن بخلاف الاستهلاك لأنه تعد } يعني أن اشتراط بقاء القدرة الميسرة إنما كان نظرا للمكلف وقد خرج بالتعدي عن استحقاق النظر له فلم يسقط الوجوب عنه { فإن قيل لما شرطتم بقاؤها لبقاء الواجبة يجب أن يشترط بقاء النصاب للوجوب في البعض } لأن النصاب شرط لليسر { فلا يجب } أي ينبغي أن لا يجب { بعد هلاك بعضه في الباقي قلنا النصاب ما شرط لليسر لأن الواجب ربع العشر ونسبته إلى كل المقادير سواء } يعني أن النصاب لا يغير الواجب من العسر إلى اليسر لأن إتيان الخمسة من المائتين وإيتاء الدرهم من الأربعين سواء في اليسر بل ربما يكون الثاني أيسر من الأول { بل ليصير غنيا فيصير أهلا للإغناء لقوله عليه السلام لا صدقة إلا عن ظهر غنى } أي الصادرة عن غنى والظهر مقحم كما في ظهر الغيب { ولا حد له فقدرة الشرع بالنصاب } وإذا كان النصاب شرط الوجوب لا شرط اليسر لم يشترط بقاؤه لبقاء الوجوب فيما بقي من النصاب عند هلاك البعض { وكذا الكفارة وجبت بهذا القدرة لدلالة التخيير الكامل } وهو التخيير في الصورة والمعنى بأن يكون بين أمور متفاوتة في المالية كما في صدقة الفطر فإنه دليل التأكيد ولا دلالة فيه على التيسير { ولقوله تعالى { فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام } وليس المراد } من عدم الوجدان { العجز في العمر إذ ح لا يصح التفريع } لأن العجز المذكور لا يتحقق إلا في آخر العمل فلا يصح ترتب الصوم على عدم الوجدان { فالمراد العجز الحالي مع احتمال القدرة في المستقبل أي يشترط القدرة المقارنة للأداء } أي القدرة التامة الحقيقية التي تقارن الفعل كما ذكر آنفا { كالاستطاعة مع الفعل } فالقدرة المشروطة في الكفارة قدرة كذلك أي مقارنة لأداء الكفارة لا سابقة ولا لاحقته { وإذا } أي اشتراط القدرة المقارنة { دليل اليسر فيشترط بقاؤها } أي بقاء القدرة في باب الكفارة { لبقاء الواجب حتى لو تحقق القدرة على الاعتاق } أراد بها ملك الرقة أو ثمنها لا القدرة الحقيقة المجتمعة لجميع شرائط التأثير لأنها لا يكون بدون الإعتاق فلا معنى لزوالها وسقوط الاعتاق { يوجب الاعتاق ثم يلم يبق القدرة بسقط الاعتاق لأنها لم تتصل بالأداء علم أن القدرة المقارنة له لم توجد وهو الشرط } لما مر أن وجوب الكفارة بالقدرة الميسرة { فيشترط بقاؤها إلا أن المال هنا غير عين فلا يكون الاستهلاك تعديا فيكون كالهلاك } جواب سؤال مقدر تقريره أنه لم يكن فرق بين الزكاة والكفارة بالمال في توقف وجوبها على القدرة الميسرة ينبغي أن لا يفارق الثانية الأولى في عدم السقوط بالاستهلاك والجواب بيان الفرق بينهما وهو أن المال في الأولى معين لأن الواجب جزء من النصاب فتعين أن الواجب من هذا المال فإذا استهلك المال كله استهلك الواجب فيضمن بالتعدي بخلاف الثانية فإن المال فيها غير معين فلا يكون استهلاك تعديا .
Bogga 172