{ مسئلة لا يراد من اللفظ الواحد } في إطلاق واحد { معناه الحقيقي والمجازي معا } بأن يكون كل منهما متعلق الحكم فلا يرد النقض بالكناية لأن مناط الحكم فيها المعنى الثاني فقط { لرجحان المتبوع على التابع } وفيه نظر والحق أنه من جهة اللغة إذ لم يثبت ذلك { فلا يستحق معتق المعتق مع وجود المعتق إذا أوصى لمواليه } لأن مولى فلان حقيقة في الأسفل ومجاز في الأعلى وكذا إذا أوصى لأولاد فلان أو لأبنائه وله بنون وبنو بنين فالوصية لبنيه دون بني بنيه ، أما دخول بني البنين في قوله امنونا على أولادنا على رواية الاستحسان فليس من جهة تناول اللفظ بل من جهة أن الأمان لحقن الدم فيبنى على الشبهات { ولا يراد غير الخمر بقوله عليه السلام من شرب الخمر فاجلدوه } لأنه أريد بها ما وضعت له { وغير الوطئ بقوله تعالى أو لا مستم النساء } لأن الوطئ وهو المعنى المجازي أريد به { عندنا وغير المس باليد } لأن المس باليد وهو المعنى الحقيقي { عند الشافعي } وهو قول ابن مسعود رضي الله عنه جواز التيمم للجنب ح بدليل آخر { والحنث بالدخول حافيا ومنتعلا } أو راكبا { في لا يضع قدمه في دار فلان لا للجمع بين } المعنى { الحقيق } وهو الدخول خافيا { والمجازي } وهو الدخول منتعلا أو راكبا { بل لأن في العرف صار عبارة عن أنه لا يدخل } ومدار الإيمان على العرف ومن غفل عن هذا زعم أن مبنى الجواب ههنا على المصير إلى عموم المجاز { ويراد بالإضافة في لا يدخل دار فلان نسبة السكنى مجازا } بدلالة العادة حقيقة كانت أو دلالة بأن يكون الدار ملكا له فيتمكن من السكنى فيها حتى يحنث بالدخول في دار بكونه ملكا لفلان ولا يكون هو ساكنا فيها { وهي تعمم الملك والإجارة والعارية } فيحنث بعموم المجاز { لا نسبة الملك حقيقة وغيرها مجازا } حتى يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز { وكذا يحنث إذا قدم نهارا أو ليلا في امرأته كذا يقدم زيد ليس للجمع } بين المعنى الحقيقي لليوم وهو النهار والمجازي وهو الليل بل بعموم المجاز لأن الضمير لليوم { يذكر للنهار وللوقت كقوله تعالى ومن يولهم يومئذ دبره } ولما احتيج إلى ضابط يعرف به أن المراد باليوم النهار أو مطلق الوقت بينه بقوله { فإذا تعلق بفعل ممتد } هو ما لا يصح تقديره بمدة كالقدوم والدخول فإنه لا يصح أن يقال قدمت أو دخلت يوما { فللوقت } المطلق { لأن الفعل إذا نسب إلى ظرف الزمان بغير في يقتضي كونه } أي كون ظرف الزمان معيارا له أي للفعل والمعيار ظرف لا يفضل عن المظروف كاليوم للصوم { فإن امتد الفعل امتد المعيار فيراد باليوم النهار } لأن الحقيقة لا يعد عنهما إلا عند التعذر وذلك عند عدم امتداد الفعل { وإن لم يمتد كوقوع الطلاق لا يمتد المعيار فيراد به الآن } سواء كان من النهار أو من الليل بدليل النص المذكور ولعدم اختصاص العلاقة بالأول { وكذا الحنث بأكل الحنطة وما يتخذ منها عندهما } أي عند أبي يوسف ومحمد { في لا يأكل من هذه الحنطة ليس له } أي للجمع بين الحقيقة والمجاز { بل لأنه يراد بأكلها أكل باطنها عادة فيحنث بعموم المجاز وكذا قول أبي حنيفة ومحمد فيمن قال لله على صوم رجب ونوي اليمين أنه نذر ويمين حتى لو لم يصم يجب القضاء } لكونه نذرا { والكفارة } لكونه يمينا { ليس له } أي للجمع المذكور { بل لأنه نذر بصيغته } لكونها موضوعة لها { يمين بموجبه } لأن النذر إيجاب للمباح وإيجاب المباح يوجب تحريم ضده وتحريم المباح يمين لقوله تعالى قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم أي شرع لكم تحليلها بالكفارة سمى تحري النبي عليه السلام الحلال وهو مأربة أو العسل على نفسه يمينا والمباح أخص من الحلال فتحريمه يتضمن بتحريم الحلال { كما أن شراء القريب شراء بصغته تحرير بموجبه } المراد بالموجب اللازم المتأخر ودلالة اللفظ على لازم معناه لا يكون بريق المجاز ما لم يكن مستعملا فيه كالأسد إذا أريد معناه الحقيقي يدل على الشجاعة التي هي لازمة بطريق الالتزام ولا يكون مجازا لعدم استعماله فيه { وثبوت الموجب لا يتوقف نعلى الإرادة فلا جمع بين المعنى الحقيقي والمجازي } في الإرادة كما توهم { والتوقف على نية اليمين لكونه بمنزلة الحقيقة المهجورة بغلبة استعماله في النذر } جواب سؤال تقريره أن كان هذا موجبه يكون يمينا وإن لم ينو اليمين كما إذا اشترى القريب يعتق عليه وإن لم ينو وأما الجواب بأن اليمين نثبت بالإرادة والنذر بالصيغة من غير تأثير للإرادة فيه فلا جمع بين المعنى الحقيقي والمجازي في الإرادة فلا يتمشى فيما أذانوا هما جميعا لا يقال في هذه الصورة أيضا ثبوت النذر بالصيغة من غير تأثيرللإرادة فكأنه لم يرد إلا المعنى المجازي لانا نقول فلا يمتنع الجمع في شيء من الصور لأن المعنى الحقيقي يثبت باللفظ أخبارا كان أو انشاء فلا عبرة بإرادته ولا تأثير له { مسألة لا بد للمجاز من قرينة مانعة عن إرادة الحقيقة عقلا أو حسا أو عادة أو عرفا } عاما كان أو خاصا والفرق بين العادة والعرف أن العادة في الأفعال والعرف في الأقوال { أو شرعا وهي أما خارجة عن المتكلم والكلام } أي لا يكون معنى في المتكلم أي له ولا يكون من جنس الكلام { كدلالة الحال نحو يمين الفور } إذا أرادت المرأة الخروج فقال إن خرجت فأنت طالق يحمل على الفور فالقرينة الحالية مانعة عرفا عن الحمل كعلى الحقيقة وهي الخروج مطلقا { أو معنى من المتكلم كقوله تعالى واستفزز من استطعت فإنه تعالى لا يأمر بالمعصية } فالمنع فيه عقلا { أو لفظا } أريد بكون القرينة لفظا أن يفهم منه بأي طريق كان أن الحقيقة غير مرادة فلذلك عد القرينة في كل مملوك لي حر لفظية وهذا لما مر من جعله من قسم المخصص غير الكلامي لأن المراد منه أن يكون المخصص صريح الكلام { خارج عن هذا الكلام } الذي يكون المجاز فيه { كقوله تعالى فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر فإن ما في سياقه من قوله إنا اعتدنا للظالمين نارا } يمنع عقلا { كونه للتخيير ونحو طلق أمرأتي إن كنت رجلا لا يكون توكيلا } والمنع فيه عرفا { أو غير خارج } بل عين هذا الكلام أو شيء منه يكون دالا على عدم إرادة الحقيقة { فإما أن يكون بعض الأفراد أولى كما ذكرنا في التخصيص } أن المخصص قد يكون نقصان بعض الأفراد أو زيادته فيكون اللفظ أولى بالبعض الآخر فإذا قال كل مملوك لي حر لا يقع على المكاتب مع أنه مملوك حقيقة لنقصان في ملكه فكان قرينة المجاز أولوية البعض الآخر والمنع هنا شرعا { أولم يكن نحو الأعمال بالنيات ورفع عن أمتي الخطأ والنسيان لأن عين الفعل لا يكون بالنية وعين الخطأ والنسيان ليسا بمرفوعين بل المراد الحكم } والمنع فيهما عقلا { ونحو لا يأكل من هذه النخلة أو من هذا الدقيق ولا يشرب من هذا البئر } المنع في هذه الثلثة حسا وعرفا فأن المعنى الحقيقي لما امتنع نحسا أو عرفا علم أنه ليس بمراد وإلا لكان اليمين خالية عن الفائدة لأنها في مثله تكون للمنع والمنع إنما يكون عن التمكن ولا يضع قدمه فيها ولم يدخل لا يحنث } هذا كله إذا لم يبق ما يحتمله الكلام وإلا فعلى ما نواه { وكلأسماء المنقولة } القرينة المانعة هنا كونه منقولا عرقا أو شرعا ومنعها عقلا { ونحو التوكيل بالخصومة يصرف عن حقيقته لكونها مهجورة شرعا } وهو كالمهجورة عادة { إلى مطلق الجواب إقرارا كان إو إنكارا } بطريق استعمال المقيد في المطلق أو الكل في الجزء بناء على عموم الجواب { فإما إذا كانت الحقيقة مستعملة والمجاز متعارفا } أي غالبا في التقابل إذ التفاهم على الاختلاف بين المشايخ عطف على أول المسألة وهو أنه لا بد للمجاز من من قرينة { فعند ابي حنيقة المعنى الحقيقي أولى لأن الأصل لا يترك إلا ضرورة وعندهما المجاز أولى } إنما اعتبر قيد الاستعمال في الحقيقة وقيد التعارف في المجاز للإنفاق على أن العمل بالمجاز عند عدم القيد الأول وبالحقيقة عند عدم القيد الثاني { ففي لا يأكل هذه الحنطة يصرف على أكل عينها عنده } قال في المبسوط لأن عينها مأكول عادة فإنها تغلى وتؤكل ويتخذ منها الكشك والهريسة وقد تؤكل نيا أيضا حبا حبا { وعلى أكل المتخذ منها عندهما } هذا على رواية الأصل { مسألة قد يتعذر المعنى الحقيقي والمجازي معا كقوله لامرأته وهي ممن لا يولد مثلها لمثله } سواء كانت أكبر سنا منه أولا { أو معروفة النسب } هذا لأن التي يولد مثلها لمثله إذا كانت مجهولة النسب ينتفي ملكه عنها فتحرم عليه إذا ثبت على إقراره وإن لم يثبت نسبها منه صرح بذلك في المبسوط { هذه بنتي تعذر الحقيقي في الأول من اشتهر نسبها منه } بأن يكون دعوته معتبرة في حقهما فيثبت نسبها منه وينتفي ممن اشتهر منه { ولا يمكن هذا لأنه ثابت ممن اشتهر منه } فلا يبطل بإقرار الغير { أو في حق نفسه فقط } بأن يثبت منه ولا ينتفي ممن اشتهر منه { وذا متعذر لأن الشرع يكذبه } لاشتهاره من الغير { فلا يكون } أي تكذيب الشرع { أقل من تكذيبه نفسه والنسب ما يحتمل التكذيب والرجوع بخلاف العتق } فإنه لا يحتمل ذلك { وأ/ا تعذر المجزي فلان التحريم اللازم له } أي لقوله هذه بنتي الثابت به { مناف لملك النكاح فلا يكون من حقوقه فلا يملك الزوج إثباته } إذ ليس له تبديل محل الحل { والذي يملكه } وهو التحريم القاطع للحل بالنكاح { ليس من لوازمه } أي من لوازم القول المذكور بل منافياته { فلا يصح استعارته له } والحاصل أن التحريم الذي في وسعه لا يصلح اللفظ له والذي يصلح اللفظ له ليس في وسعه فلا يصح منه إثبات التحريم بهذا اللفظ .
Bogga 58