Tafsir Bayan Sacada
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Noocyada
[آل عمران: 7].
[2.156]
{ الذين إذآ أصابتهم مصيبة } بشيء يؤذيه وأقله ان شاكته الشوكة خرجوا من انانيتهم واستسلموا لخالقهم و { قالوا } بلسان أبدانهم وأحوالهم { إنا لله } مبدء وملكا { وإنآ إليه راجعون } فى المنتهى والاخبار فى فضل الصبر على المصيبة والاسترجاع عندها كثيرة جدا، ولما كان المصائب الواردة على الانسان لا مداخله لنفسه واختياره فيها حتى يجعل مآربه النفسانية غاية لها كان انموذج اجرها مشهودا له من كسر انانيته وكبريائه والتضرع الى ربه والالتجاء اليه والقرب منه بخلاف العبادات التى يعملها الانسان باختياره وينظر فيها الى أغراض نفسه فانه لا يجد فيها أجرا وقربا ولذة.
[2.157]
{ أولئك عليهم صلوات من ربهم } جمع الصلاة بمعنى الثناء من الله والتشريف والتعظيم منه يعنى تشريفات وتفضيلات وهذا لظاهره واجر قبوله الرسالة { ورحمة } وهذا لباطنه واجر قبول الولاية { وأولئك هم المهتدون } الى ما ينبغى ان يهتدى اليه او الى تسهيل المصيبة بالتسليم لأمر الله.
[2.158]
{ إن الصفا والمروة } ابتداء كلام منقطع بظاهره عن سابقه لبيان حكم من الأحكام التكليفية ولذا قطعه من سابقه، والصفا والمروة جبلان بمكة يسعى بينهما نحو الهرولة وهو من مناسك الحج، والصفا الحجر الاملس يذكر ويؤنث ويستعمل فى المفرد وفى الجمع، والمرو الحجارة البيض البراقة او أصلب الحجارة، وفى الخبر انما سمى الصفا صفا لأن آدم المصطفى هبط عليه فقطع للجبل اسم من اسم آدم (ع) وهبطت حواء على المروة فسميت مروة لان المرأة هبطت عليها فقطع للجبل اسم من اسم المرأة؛ وهذا يناسب التأويل فان الصفا كما سيجيء فى تفسير:
إن أول بيت وضع للناس
[آل عمران: 96]؛ فى سورة آل عمران الجهة العليا من النفس، والمروة الجهة السفلى منها التى تلى الحيوانية والطبع وهما باعتبار مهبط لآدم (ع) وحواء وباعتبار متحدتان معهما ولهذا الاتحاد اخذ اسم لهما من اسمهما، وباعتبار هذا التأويل يرتبط الآية بسابقها، والسعى فى المسعى كناية عن لزوم تردد الانسان مضطربا بين صفا النفس الانسانية ومروة النفس الحيوانية فانه بالتردد بينهما وقضاء وطر قواهما يبقى الانسان فى هذا البنيان وبذلك البقاء يستكمل فى ذاته وصفاته واتباعه، وبهذا الاستكمال يستحق الحضور عند الرحمن والخلة والامامة فكما ان الصفا والمروة والسعى بينهما من مناسك حج البيت المبنى من الاحجار كذلك الصفا والمروة النفسانيتان والتردد بنحو الاضطراب بينهما لاصلاح حال أهلهما وقضاء وطرهم { من شعآئر الله } الشعائر جمع الشعار بكسر الشين بمعنى العلامة، او جمع الشعار بالكسر والفتح بمعنى الثوب الملاصق بالبدن؛ او جمع شعار الحج بالكسر بمعنى مناسكه، او جمع الشعيرة بمعنى معظم المناسك التى ندب الله اليها { فمن حج البيت أو اعتمر } الحج القصد والكف والقدوم والتردد وقصد مكة للنسك، وفى الشرع اسم للنسك المخصوصة المقررة التى هى فى مقابل العمرة ويناسبه كل من معانيه اللغوية، والعمرة الزيارة وفى الشرع اسم للمناسك المخصوصة التى هى فى مقابل الحج { فلا جناح عليه أن يطوف بهما } قيل كان على الصفا والمروة صنمان لقريش كانوا فى الجاهلية اذا سعوا بينهما مسحوا الصنمين فلما جاء المسلمون وكسر الاصنام تحرج المسلمون ان يطوفوا بهما لذلك فنزلت الآية ولا دلالة للآية على نفى الوجوب فانها تفيد الجواز والجواز أعم من الوجوب ويستفاد الوجوب من الاخبار فالتمسك بالآية على نفى الوجوب كما تمسك بها بعض العامة ليس فى محله، ونسب الى الصادق (ع) انه سئل عن السعى بين الصفا والمروة فريضة ام سنة؟ - فقال (ع): فريضة، قيل: اوليس قال الله عز وجل: فلا جناح عليه ان يطوف بهما؟ - قال كان ذلك فى عمرة القضاء ان رسول الله (ص) شرط عليهم ان يرفعوا الاصنام من الصفا والمروة فتشاغل رجل عن السعى حتى انقضت الايام وأعيدت الاصنام فجاؤا اليه فقالوا: يا رسول الله (ص) ان فلانا لم يسع بين الصفا والمروة وقد أعيدت الاصنام فأنزل الله عز وجل { إن الصفا والمروة } الى قوله: { فلا جناح عليه أن يطوف بهما } اى وعليهما الاصنام ونسب اليه (ع) أيضا ان المسلمين كانوا يظنون ان السعى بين الصفا والمروة شيء صنعه المشركون فأنزل الله هذه الآية ولا يبعد ان يقال: ان السعى بينهما بطريق الهرولة شيء يستقبحه العقول الجزئية ويستنكف منه النفوس الأبية فكان مظنة للتحرج لمن لا يدرك من الاشياء الا ظواهرها فرفع ذلك التحرج { ومن تطوع } تنفل { خيرا } صفة مفعول مطلق محذوف، او المعنى تطوع بخير، او هو مبنى على التجريد اى من عمل خير، او المراد بالخير الطواف والسعى، او مطلق مناسك الحج والعمرة، او مطلق الاعمال الحسنة فرضا كان ام ندبا { فإن الله } يجزيه بالخير لأنه { شاكر } لا يدع العمل الخير من العباد بلا جزاء { عليم } لا يعزب عنه عمل عامل.
[2.159]
Bog aan la aqoon