Tafsir Bayan Sacada
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Noocyada
" ان رسول الله (ص) دخل المسجد فاذا جماعة قد أطافوا برجل فقال (ص): ما هذا؟ - فقيل: علامة، فقال (ص): وما العلامة؟ - فقالوا: أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها وأيام الجاهلية والاشعار العربية، فقال النبى (ص): ذاك علم لا يضر من جهله ولا ينفع من علمه، ثم قال النبى (ص): انما العلم ثلاثة؛ آية محكمة، او فريضة عادلة، او سنة قائمة، وما خلاهن فهو فضل "
فانه اشارة الى الاقسام الثلاثة للعلم العقلانى والنفسانى والجسمانى بحيث يكون مشتملا على الاقبال على المعلوم والعمل المستلزم للاشتداد فان الآية المحكمة عبارة عن العلوم العقلانية التى يجد العالم شيئا من حقائق المعلومات ويستلذ به والا لم تكن آيات ومرائى، والتى لم يكن للريب والشك والزوال مجال فيها والا لم تكن محكمة، وهذا بخلاف العلوم الخيالية التى حصلها الفلسفى والمتكلم باستخدام الخيال للعاقلة وجعلتها أنفسهم الزائغة وسائل لمآربها النفسانية من الأعراض الدنيوية او الأغراض النفسانية من الراحة عن كلفة الطاعات الشرعية فانها ليست آيات ولا محفوظة عن الريب والشك والزوال لكونها مأخوذة بالتقليد من أمثالهم، والفريضة العادلة عبارة عن العلوم النفسانية المتعلقة بالرذائل والخصائل بحيث يصير العالم بها متخليا عن الرذائل متحليا بالخصائل لان اطلاق الفريضة على هذا العلم انما هو باعتبار تلك التخلية والتحلية وكذا اطلاق العادلة فان معنى العلم العادل ان يكون العالم به عادلا او معلومه متوسطا ولا يكون المعلوم من الاخلاق متوسطا الا اذا صار جزئيا موجودا فى وجود العالم به، وهذا معنى استلزام العلم للعمل المستلزم لعلم آخر اللازم للاقبال على الآخرة، والسنة القائمة عبارة عن العلوم القالبية المأخوذة من النبى (ص) او خليفته العامل صاحبها بها بحيث ينتصب عن اعوجاجه او يعتدل عن الافراط والتفريط، او تكفى مهام صاحبها فى الدنيا والآخرة لان السنة بحسب العرف واللغة لها معان عديدة لكنها فى عرف الشارعين اسم للعلوم المتعلقة بالاعمال الجسمانية بحيث تؤدى صاحبها الى العمل لان تسمية العلوم بالسنة ليست الا باعتبار العمل، والقائمة اما من قام بمعنى انتصب او اعتدل وبكلا المعنيين تكون وصفا بحال المتعلق اى سنة قائم صاحبها، او من قام المرأة وعليها بمعنى مأمنها وكفى أمورها وبهذا المعنى يكون وصفا بحال الموصوف فالعمل والاقبال الى الآخرة مأخوذان فى مفهوم الكلمتين.
ومثل ما روى عن الصادق (ع) فى أقسام طلبة العلم من قوله (ع) طلبة العلم ثلاثة فاعرفهم بأعيانهم وصفاتهم؛ صنف يطلبه للجهل والمراء، وصنف يطلبه للاستطالة والختل، وصنف يطلبه للفقه والعقل، فصاحب الجهل والمراء موذ ممار متعرض للمقال فى أندية الرجال بتذاكر العلم وصفة الحلم قد تسربل بالخشوع وتخلى من الورع فدق الله من هذا خيشومه وقطع منه حيزومه، وصاحب الاستطالة والختل ذو خب وملق يستطيل على مثله من أشباهه ويتواضع للاغنياء من دونه فهو لحلوائهم هاضم ولدينه حاطم، فأعمى الله على هذا خبره وقطع من آثار العلماء اثره، وصاحب الفقه والعقل ذو كأبة وحزن وسهر قد تحنك فى برنسه وقام الليل فى حندسه، يعمل ويخشى وجلا داعيا مشفقا مقبلا على شأنه، عارفا بأهل زمانه، مستوحشا من أوثق اخوانه، فشد الله من هذا أركانه، وأعطاه الله يوم القيامة أمانه. وهذا الحديث يدل على ما ذكرنا من ان اعتبار جهلية الادراك وعلميته انما هو بشأن المدرك ونيته لا بحال المدرك المعلوم وشرافته وخساسته فان المراد بالعلم فى قوله (ع): طلبة العلم؛ مطلق الادراك المطلق عليه العلم بمفهومه العرفى، وقوله (ع) صنف يطلبه للجهل يعنى يطلب العلم اى الادراك او المدرك للجهل يعنى يجعل غاية طلبه للعلم الجهل وهذا بظاهره متناقض وبيانه بحيث لا يتوهم تناقض ان نقول: ان الانسان له قوة داركة ويعبر عنها بالقوة العلامة والقوة النظرية، وقوة عملية ويعبر عنها بالقوة العمالة، والقوة العمالة تنشعب الى الشهوية التى تجذب المنافع والملاذ والغضبية التى تدفع المضار والمولمات وهذه الثلاث اما مسخرة للعاقلة وخادمة لها ولا يكون تسليمها للعاقلة التى هى رسول باطنى الا اذا صارت منقادة لولى أمره الذى هو عقل خارجى او مسخرة للشيطان وخادمة له فان كانت خادمة للعاقلة كان ادراك العلامة علما ومورثا للعمل الاخروى وللعلم الآخر وكان عمل العمالة للآخرة سواء كان شهوانيا او غضبيا، ومورثا لعلم آخر غير العلم الذى صار محركا له على العمل، وان كانت مسخرة للشيطان كان ادراكه مورثا لازدياد جهله فان الجهل الحقيقى هو ملك الشيطان وليس المراد به الجهل الذى هو عدم لملكة العلم بل المراد به ازدياد الادراك الذى يصير سببا لسعة النفس التى سعتها قبل التسليم سعة ملك الشيطان، وكثيرا ما يورث هذا الادراك ادراكا آخر هو جهل آخر.
وقول على عليه السلام فى حديث اقسام الناس: ان الناس آلوا بعد رسول الله (ص) الى ثلاثة؛ آلوا الى عالم على هدى من الله قد أغناه الله بما علم عن علم غيره، وجاهل مدع للعلم لا علم له معجب بما عنده قد فتنته الدنيا وفتن غيره، ومتعلم من عالم على سبيل هدى من الله ونجاة؛ (الى آخر الحديث) اشارة الى ما ذكرنا؛ فان المراد بالجاهل المدعى للعلم المعجب بما عنده المفتن بالدنيا؛ والمفتن غيره ليس الجاهل الساذج بل الذى سماه أشباه الناس عالما واكتنز من قشر العلوم كنوزا وجعلها لمآربه معدة، ولا علم له بالمعنى الذى ذكر مع انه مليء بالادراكات الجهلية المورثة لازدياد ملك الشيطان الذى هو ملك الجهل، وكان عمله بتسخير الشيطان جلبا لما اشتهته نفسه، ودفعا لما لا يلائم نفسه من غير اعتبار للتأدية الى الآخرة وهذا المسخر للشيطان بقوته الداركة وحيلته الشيطانية يريد مداما ارائة مدخراته للخلق فيتعرض للمقال فى أندية الرجال ويؤذى جليسه باعجابه بنفسه وإظهاره مزخرفاته ويمارى من يظنه مثله او فوقه؛ ونعم ما قال المولوى قدس سره:
علم تقليدى وتعليمى است آن
كز نفور مستمع دارد فغان
جون بى دانش نه بهر روشنى است
همجو طالب علم دنياى دنى است
طالب علم است بهر عام وخاص
نى كه تايابد ازاين عالم خلاص
Bog aan la aqoon