Tafsir Bayan Sacada
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Noocyada
[5.67]
{ يأيها الرسول بلغ مآ أنزل إليك من ربك } عنهم (ع) كان هناك: فى على؛ فأسقطوه { وإن لم تفعل } خوفا من افتتان امتك وفتنتك بهم { فما بلغت رسالته } لان الولاية غاية الرسالة فان لم تحصل كانت الرسالة كأن لم تحصل { والله يعصمك من الناس } فلا يكن خوف فتنتك منهم مانعا من التبليغ { إن الله لا يهدي القوم الكافرين } الى مرادهم من السوء بك يعنى لا يخلى بينهم وبين مرادهم. هذه الآية وآية { اليوم أكملت لكم دينكم } قد روى من طريق الخاصة بطرق كثيرة انهما فى ولاية على (ع) ونزولهما كان فى حجة الوداع قبل منصرفه (ص) او بعده (ص) الى غدير خم، وهذه السورة بتمام آيها آخر ما نزلت ولم ينزل بعدها شيء من القرآن، والخطب التى خطب النبى (ص) بها فى مكة ومسجد الخيف وغدير خم مذكورة من طريقهم فى المفصلات من التفاسير وغيرها، ومتأخرو مفسرى العامة اكتفوا فى تفسير هذه الآية بظاهر اللفظ وفسروها هكذا يا ايها الرسول بلغ جميع ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل اى تبليغ الجميع فما بلغت شيئا من رسالته على قراءة رسالته بالافراد او ما بلغت جميع رسالاته على قراءة رسالاته بالجمع، ونزول الآية لو كان فى اول التبليغ كان لهذا التفسير وجه، ولما كان نزول الآية فى آخر التبليغ كما عليه الشيعة او بعد الهجرة كما عليه الكل لم يكن لهذا التفسير موقع، لانه قبل نزول الآية كان قد بلغ اكثر التكاليف وبقى بعضها فان كان الباقى مثل ما بلغ سابقا من احكام القالب لم يكن يخاف من التبليغ ولا يتأمل فيه حتى يصير معاتبا بتركه، لانه كان قد بلغ اكثر الاحكام حين الانغمار وغلبة المشركين ولم يخف منهم فكيف يخاف حين ظهور سلطانه وقبول احكامه، فينبغى ان يكون خوفه من امته وافتتان اتباعه ولا يكون الا اذا كان الامر المأمور هو بتبليغه امرا عظيما ثقيلا على اسماع الامة، حتى يخاف (ص) من عدم قبولهم وارتدادهم ويخاف على نفسه ايضا من الاذى والقتل، ويتأمل فى التبليغ ويتردد فيه فيصح من الله مجيء العزيمة والامر البتى فيه والعتاب والتهديد على تركه ووعد العصمة من الناس فى تبليغه، ومن انصف من نفسه علم ان هذا الامر لا يكون من جنس الصوم والصلوة ولا الحج والزكوة ولا الخمس والجهاد ولا سائر العقود والمعاملات بل امرا خارجا من جنس تلك الاحكام ولا يتصور الا ان يكون ذلك الامر نصب شخص للامارة عليهم بعده وادخالهم تحت حكمه مع كونه مبغوضا لهم، وما ادعى هذا لاحد الا لعلى (ع) وقد قال (ص) باتفاق الفريقين:
" من كنت مولاه فعلى مولاه "
، وتأويلهم هذا بالمحب كما أولوه بعيد عن الانصاف غاية البعد، وكلامنا مع المنصف لامع المتعصب المنحرف فانه لا كلام لنا معه ولا كتاب والله المتفضل بالتوفيق والصواب. هذا مع قطع النظر عما ثبت وورد بطريق الخاصة والعامة فى حقه (ع) مما يدل على استحقاقه (ع) خلافة النبى (ص) دون غيره من كونه لم يشرك بالله طرفة عين ولم يعبد وثنا بخلاف غيره ومن دعاء الرسول (ص) له الى الاسلام وتكليفه (ص) البيعة معه واجابته (ع) له (ص) حين كونه (ع) ابن تسع سنين، فانه ان كان فى ذلك الزمان مستعدا لتعلق التكليف به ومستحقا لدعوة الرسول وقابلا للتوبة على يده والبيعة معه، كفى به شرفا لانه لا خلاف فى انه اول من بايع الرسول (ص) وانه كان حين بايع ابن تسع سنين، وان لم يكن اهلا للدعوة والبيعة ومع ذلك دعاه محمد (ص) وبايعه كان مرتكبا للغو وهو بحكمته الكاملة اجل من ان يفعل اللغو. ومن مبيته على فراش الرسول (ص) وفداءه بنفسه ليلة المبيت، ومن استخلافه له بمكة فى اهله، وفى رد امانات الناس، ومن حمله الفواطم ومنهن فاطمة بنت رسول الله (ص) بعده الى المدينة، ومن كونه بمنزلة نفسه (ص) كما سبق فى آية المباهلة، ونقلنا هناك اتفاق الخاصة والعامة على انه لم يكن معه (ص) حين الخروج الى المباهلة احد من الصحابة سوى الحسنين وفاطمة وعلى (ع) ونقلنا هناك عن بعض مفسريهم ورواتهم انه قال: لم يكن معه غير هؤلاء، وهو يدل على انه لم يكن اعز عليه من هؤلاء؛ والفضل ما شهدت به الاعداء. ومن كونه قتال ابطال العرب لحماية الدين ولطاعة سيد المرسلين (ص) وكفى به فضلا وشرفا، حيث بذل نفسه واهلك انانيته لامر ربه واقدم على ما لم يقدم عليه أحد من اقرانه الذين ارادوا بالدين وبالبيعة مع سيد المرسلين (ص) ابقاء انانياتهم وجذب الخير لانفسهم، ومن قوله (ص) فى حقه (ع)
" لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله "
، ومن قوله (ص):
" انى تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتى اهل بيتى وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض "
، ولم يدع احد من مدعى الخلافة كونه من اهل بيته ومن عترته، ومن قوله (ص): انا مدينة العلم وعلى بابها، ومن كونه اعلم الصحابة وأقضاهم واشجعهم واغزاهم، ومن رجوع الخلفاء اليه فى معضلاتهم وقولهم: قضية ولا باحسن لها، صار مثلا بينهم وقد تيمنت بما ذكرت والا فمناقبه المشهورة المذكورة بين العامة والخاصة قد بلغت من الوضوح مبلغ الشمس فى رابعة النهار غنية عن الوصف والاظهار، ومن الكثرة بحيث ملأت الخافقين لا يمكن احصاؤها مع ان اعداءه كتموها حسدا وبغيا واحباؤه ضنة وخوفا: وقد اغنى ابن ابى الحديد الشيعة عن ذكر مناقبه بما ذكر فى شرحه لنهج البلاغة، وان كان مع اطرائه لم يبلغ قطرة من بحار مناقبه وقد ذكر صريحا وتلويحا مثالبهم فى ضمن اوصافهم، وكان ابن ابى الحديد من مشايخهم وعلمائهم وذكر فى شرح نهج البلاغة ما مضمونه: ان رجلا من اهل البصرة كان يوم الغدير بمشهد على (ع) وسمع من الرفضة رفض الخلفاء وبعض الصحابة وسبهم ومثالبهم، فرجع الى البصرة ودخل على قاضيها وقال للقاضى رأيت العجب فى مشهد على قال: ما رأيت؟ - قال: رأيت الشيعة يسبون الخلفاء، قال القاضى: هذا ما علمهم صاحب القبر، قال: فما لنا نحبه ونحبهم؟! فقام القاضى وخرج من الباب الذى يلى داره وقال: لعن الله الفاعل ابن الفاعلة ان كان يعلم جواب هذى المسئلة، فان كان على باقرارهم علم شيعته سب الخلفاء كان مبغضا لهم فان كنت محبا له فاقتضاء محبته ان تبغض الخلفاء وان كنت محبا لهم فاقتضاء محبتهم ان تبغض عليا فما لك تحبه وتحبهم، فاخرج عن عصبيتك وانظر الى آثار كبار ملتك وخذ من دنياك لآخرتك.
وللتيمن بقوله (ص) فى خلافة خليفته (ع) نذكر شطرا من الخطب التى خطب بها فى حجة الوداع، فنقول: نسب الى ابن عباس والثعلبى وغيرهما من العامة انهم قالوا: ان الله امر نبيه ان ينصب عليا علما للناس ويخبرهم بولايته، فتخوف ان يقولوا حابى ابن عمه وان يشق ذلك على جماعة من اصحابه، فنزلت هذه الآية فأخذ بيده يوم غدير خم وقال:
" من كنت مولاه فعلى مولاه "
Bog aan la aqoon