Tafsir Bayan Sacada
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Noocyada
{ أم لهم } اى للمتبوعين { نصيب من الملك } حتى يستحقوا بذلك الاتباع وان فرض ان لهم نصيبا من الملك { فإذا لا يؤتون الناس } الذين هم المتحققون بالانسانية وهم الاولياء واصلهم على (ع) فكيف بأشباه الناس والنسناس { نقيرا } والنقير النقطة التى فى وسط النواة يمثل به فى الحقارة والمعنى انهم ليس لهم نصيب من الملك حتى يطمعوا فيه فيتبعوهم وحالهم ان لو كان لهم نصيب من الملك لما اتوا الناس شيئا حقيرا منه فكيف بهم وهم نسناس فلا ملكهم يقتضى الاتباع ولا حالهم ثم صرف القول الى الاتباع والمتبوعين جميعا فقال تعالى { أم يحسدون الناس }.
[4.54]
{ أم يحسدون الناس } يعنى هؤلاء الاتباع فى اتباعهم لغير الناس الذين هم رؤساء الضلالة والمتبوعون فى ترك اتباعهم للاولياء والاصل فيهم على (ع) وادعاء المتبوعية لانفسهم يريدون زوال فضل الله عن الناس والمقصود تقرير حسدهم والاصل فى الناس بعد محمد (ص) على (ع) وخلفاؤه { على مآ آتاهم الله من فضله } من الامامة والخلافة { فقد آتينآ آل إبراهيم } على رغم انوفهم وعمى عيونهم، وآل ابراهيم (ع) محمد (ص) وعلى (ع) وخلفاؤه صلوات الله وسلامه عليهم واضافهم الى ابراهيم (ع) للاشارة الى منقبة اخرى لهم حتى يزدادوا غيظا { الكتاب } اى النبوة فان مرتبة النبوة من جهة انها لنقوش الاحكام الآلهية من مرتبة الولاية يعبر عنها بالكتاب كما ان مرتبة الرسالة ايضا كذلك، لكن سيأتى انها المرادة بالملك العظيم وقد سبق فى اول الكتاب تعميم اطلاق الكتاب فيراد منه فى كل مقام معنى بحسب اقتضاء ذلك المقام.
تحقيق معنى الحكمة
{ والحكمة } الحكمة قوة بها يقتدر الانسان على ادراك دقائق الامور وخفايا المصنوع وعلى الاتيان بالمصنوع المشتمل على دقائق الصنع فهى باعتبار متعلقه مركبة من جزئين جزء علمى ويسمى حكمة نظرية وجزء عملى ويسمى حكمة عملية ويعبر عنهما بلسان الفرس " بخرده بينى وخرده كارى " وقد يعبر عن الحكمة بالاتقان فى العمل للاشارة الى احد جزئيها وقد يعبر عنها بالكمال فى العلم والاتقان فيه للاشارة الى الجزء الآخر، وقد تفسر بالاتقان فى العلم والعمل للاشارة الى كلا جزئيها والحكمة التى تذكر فى مقابلة الجربزة هى القوام فى تدبير المعيشة علما وعملا والجربزة افراطه، وهذه الحكمة هى من نتائج مرتبة الولاية فان الولى بتجرده يقتدر على معرفة دقائق الاشياء لعدم احتجاب شيء منه اذا اراد معرفته وعلى صنع دقائق المصنوعات لعدم تأبى شيء منه، والحكيم المطلق هو الله تعالى ثم الانبياء (ع) والرسل (ع) بجهة ولايتهم ثم خلفاؤهم ثم الامثل فالامثل. واول مراتب الحكمة ان تدرك دقائق صنع الله فى نفسك وبدنك وانك خلقت برزخا بين العالمين السفلى والعلوى وان نفسك خلقت قابلة صرفة لتصرف الملكوتين لا تأبى لها من تصرفهما، وان تصرف السفلى يؤديها الى السجن والسجين، وتصرف العلوى يجذبها الى قرب الملأ الاعلى، كل ذلك على سبيل المعرفة لا على طريق العلم، والمظنة كما هو طريق حكماء الاخلاق فانهم يقنعون بالعلم الكلى غافلين عن نفوسهم الجزئية فلا ينتفعون بعلمهم ثم تقدر على دقائق العمل لسد طرق تصرف الملكوت السفلى وفتح طرق تصرف الملكوت العلوى كقدرة على عليه السلام فى الغزاة على ترك الضرب حين ظفر بالعدو ورفع السيف للضرب فتفل فى وجه على (ع) فترك الضرب لهيجان النفس للضرب.
فاذا عرف الانسان بما ذكر وقدر وعمل ارتقى لا محالة الى مقام العبودية وهو مقام الفناء ومقام الولاية ثم اذا علم الله فيه استعداد اصلاح الغير رده الى بشريته بخلعة النبوة والرسالة او الخلافة وبصره دقائق الصنع فى الملك والملكوت واقدره على دقائق التصرف فى الاشياء وأخدمه جميع الموجودات وهو آخر مراتب الحكمة. والمراد بالحكمة ههنا الولاية لانها من نتائجها وهذا بيان الحكمة، وتحقيقها والتفسيرات المختلفة التى وقعت فى كلماتهم راجعة اليه مثل ان قيل: هى معرفة حقائق الاشياء كما هى، او: هى العلم الحسن والعمل الصالح، او: هى الاتيان بالفعل الذى له عاقبة محمودة، او: هى الاقتداء بالخالق بقدر الطاقة البشرية، او: هى التشبه بالإله فى العلم والعمل بقدر الطاقة البشرية { وآتيناهم ملكا عظيما } الملك اسم مصدر بمعنى ما يملك، ويطلق على كل مملكوك وعلى عالم الطبع خاصة لانه لا جهة فيه الا المملوكية بخلاف الملكوت التى هى مبالغة فى المالكية فانها وان كانت مملوكة من وجه لكن لها مالكية للملك كمالكية الجبروت لما دونها واللاهوت لما سواها، والمراد بالملك العظيم ههنا مقابلا للكتاب والحكمة هو الرسالة وخلافة الرسالة فانها لجمعها بين الوحدة والكثرة بنحو الكمال ملك لا اعظم منها وقد فسر فى الخبر بالطاعة المفروضة اللازمة لها، وبطاعة جميع الموجودات تكوينا اللازمة للولاية، وبملك القلوب. وتكرار آتينا للاشارة الى استقلاله بالامتنان والانعام.
[4.55]
{ فمنهم من آمن به } عطف باعتبار المعنى كأنه تعالى قال بعد ارادة على (ع) من الناس المحسودين، وذكر اعطائه من فضله تصريحا والكتاب والحكمة والملك العظيم تعريضا ينبغى ان يؤمنوا به ولا يخرجوا من طاعته لكنهم تفرقوا واختلفوا، او عطف على محذوف جواب لسؤال مقدر كأنه قيل: ما فعلوا به؟ - فقال: اختلفوا فيه فمنهم من آمن به كسلمان واقرانه { ومنهم من صد عنه } اعرض او منع غيره { وكفى بجهنم سعيرا } يعنى ان لم نعاقبهم فى الدنيا فكفاهم جهنم فى الآخرة والجملة عطف على منهم من صد عنه من قبيل عطف الانشاء على الخبر او باعتبار لازم معناه كأنه قال: ومنهم من صد عنه وهم المعاقبون فى النار.
[4.56-57]
{ إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا } تفصيل لحال المؤمنين به والصادين عنه وتقديم حال الصادين لقصد كون الافتتاح والاختتام بحال المؤمنين كأنه قال: اما الذين صدوا عنه واما الذين آمنوا به؛ لكن اداه هكذا اشارة الى تعليل قوله كفى بجهنم سعيرا والى كونهم كافرين وان عليا (ع) اعظم الآيات وان الكافر به كافر بجميع الآيات { كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب } اختلف كلمات الحكماء والصوفية فى كيفية خلود اهل النار وعذابهم الدائمى واصحاب الشرائع مطبقون على خلودهم وان المحكوم بكونه اهل السجين لا نجاة له من داره وان لكل دار عمارا هم اهلها لا يخرجون منها ابدا، وتبديل جلودهم يكون بحسب ملكاتهم الردية وعقائدهم الفاسدة واخلاقهم الكاسدة فانها من فروع الشجرة الخبيثة التى اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار، والمراد بالجلود اما جلود الابدان او جلود الارواح وهى ابدانهم الخبيثة، والسؤال بان المعاقب يصير غير المذنب ساقط من اصله لا جواب له { إن الله كان عزيزا } لا مانع له من حكمه وعقوبته { حكيما } لا يعاقب من غير استحقاق { والذين آمنوا } بعلى (ع) { وعملوا الصالحات } حتى كسبوا فى ايمانهم خيرا { سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيهآ أبدا لهم فيهآ أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا } ثم صرف القول الى الناس المحسودين بالخطاب لهم فقال تعالى: { إن الله يأمركم }.
Bog aan la aqoon