190

Tafsir Bayan Sacada

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

Noocyada

[3.182]

{ ذلك } العذاب { بما قدمت أيديكم } خصص الايدى بالذكر لان معظم الاعمال البدنية تصدر منها { وأن الله ليس بظلام للعبيد } الظلام كالتمار والخياط للنسبة وليس للمبالغة وهو معطوف على ما قدمت ايديكم وسببية نفى الظلم عنه تعالى للعذاب بواسطة ان نفى الظلم مستلزم للعدل والفضل والعدل يقتضى عقوبة المسيء كما يقتضى اثابة المحسن، او المقصود التنبيه على ان المسيء اذا صار متمكنا فى الاساءة صار فعليته الاخيرة هى قوته المسيئة المناسبة للجحيم وآلامها وتلك القوة كما تكون مناسبة للجحيم تكون منافية للنعيم، والانسانية فى هذا الانسان تكون مغلوبة خفية غير ظاهرة باقتضائها فلو لم يدخل هذا الانسان فى الجحيم لكان ظلما على قوته المقتضية لها وان كانت الجحيم عذابا لانسانيته لكن انسانيته مختفية غير مقتضية لشيء.

[3.183]

{ الذين قالوا } صفة للذين { قالوا ان الله فقير } او بدل منه ويجوز ان يكون مقطوعا مستأنفا للذم خبر مبتدأ محذوف، او مفعول فعل محذوف، او مبتدأ خبر محذوف { إن الله عهد إلينا } اى فى التوراة لان القائلين القول الاول كانوا من اليهود كما سلف او على لسان نبيه (ص) وخلفاء نبيه (ص) وخلفاء نبيه { ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار } يعنى عهد الينا ان لا نؤمن الا برسول يأتى بهذه المعجزة التى كانت لانبياء بنى اسرائيل وهى ان يقرب (ع) بقربان فيقوم النبى (ع) فيدعو فيأتى نار من السماء فتحيل القربان الى طبعها بالاحراق { قل } لهم { قد جآءكم } اى اسلافكم الذين كنتم اسناخا لهم { رسل من قبلي بالبينات } والمعجزات الكثيرة غير ما قلتم { وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين } فى هذه الدعوى.

[3.184]

{ فإن كذبوك } فلا تحزن فان المكذبية كانت سيرة الانبياء { فقد كذب رسل من قبلك جآءوا } صفة او حال بتقدير قد او مستأنف { بالبينات } المعجزات الواضحات او الموضحات التى هى من آثار الرسالة ومصدقاتها او الحجج الدالة على صدق رسالتهم او الاحكام القالبية الدالة على صدقهم { والزبر } الحكم والمواعظ التى هى آثار الولاية الدالات على حقيتهم وصدقهم { والكتاب المنير } احكام الرسالة التى تضيء قلوب العاملين بها وتنير صدق الرسل فى رسالتهم او التى تتضح فى أنفسها فان المنير من انار وهو لازم ومتعد والكتاب التدوينى صورة تلك الاحكام.

اعلم ان البينة من بان بمعنى ظهر واظهر لازم ومتعد تطلق على المعجزة لوضوح كونها من الله وايضاحها ما تدل عليه من صدق من أتى بها، وعلى احكام الرسالة لانها احكام القالب الظاهرة على كل ذى حس والمظهرة لصدق من أتى بها والمظهرة طريق من عمل بها، وعلى الحجج والبراهين الدالة على صدق الدعوى، وعلى الشاهد المظهر بنطقه صدق الدعوى، وعلى الحروف الملفوظة من اسماء الحروف، او على غير الحرف الاول من حروف اسماء الحروف مقابل الزبر المطلقة على الحروف المكتوبة منها، والزبر جمع الزبور بالفتح بمعنى الكتاب لكن المراد بها هاهنا الاحكام القلبية وآثار الولاية من المواعظ والنصائح والآثار التى تظهر للسالكين فى طريق الولاية فانها كلها التعبير عنها ليس الا بالكناية والاشارة كما ان الكتابة فى الحقيقة تعبير عما فى القلب بنحو اشارة والمراد بالكتاب هاهنا احكام الرسالة القالبية.

[3.185]

{ كل نفس ذآئقة الموت } جواب لسؤال مقدر وتسلية للرسول (ص) وللمؤمنين وتهديد للمكذبين كأنه قيل: فما لنا لا نرى الفرق بين المصدقين والمكذبين؟ - فقال تعالى: { كل نفس ذآئقة الموت } { وإنما توفون أجوركم } توفية الشيء اعطاءه بتمام اجزائه يعنى تعطون اجوركم بتمامها من دون نقيصة شيء منها { يوم القيامة } اى يوم قيامكم عند الله، او قيامكم من قبوركم واشار بمفهوم القيد الى انه يعطى شيء من الاجور قبل القيامة بعد الموت وفى الحياة الدنيا لان انموذج الاجر فى الاعمال التى لها اجر ان وقعت على ما قررها الشارع يكون مع العمل ويصل شيء من الاجر الى العامل بعد العمل فى الدنيا وفى القبر لكن تمام الاجر بحيث لا يشذ منه شيء يعطى يوم القيامة { فمن زحزح } اى بوعد { عن النار } تفصيل لاقسام الاجر واربابها { وأدخل الجنة فقد فاز } بالنجاة ونعيم الآخرة { وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } جمع الغار او مصدر وهذا واقع موقع من ادخل النار وزحزح عن الجنة فقد هلك واكتفى بهذا للاشعار بان الغرور بالحياة الدنيا مادة دخول النار فكأنه قال: ومن اغتر بالحياة الدنيا ادخل النار، ومن ادخل النار فقد هلك، فى الحديث القدسى:

" فبعزتى حلفت وبجلالى اقسمت انه لا يتولى عليا (ع) عبد من عبادى الا زحزحته عن النار وأدخلته الجنة، ولا يبغضه احد من عبادى الا ابغضته ".

Bog aan la aqoon