Tafsir Bayan Sacada
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Noocyada
{ تلك } التى ذكرت من اماتة الالوف ووقوعهم على ما فروا منه واحياءهم بعد اماتتهم واستقراضه ممن اعاده ما اعاده اياهم ومضاعفة العوض لهم وتسليط طالوت الفقير على الاغنياء والاشراف وابتلاء بنى اسرائيل بالنهر وشرب الكثير وعدم شرب القليل وغلبتهم مع قلتهم على جنود جالوت الكثيرة وقتل داود (ع) جالوت وايتائه الملك مع كونه راعيا والحكمة والعلم، وجعل دفع الناس بعضهم ببعض الذى هو سبب فساد الارض سببا لصلاحها { آيات الله } التكوينية الدالة على كمال قدرته وحكمته وانه لا ينظر فى عطائه الى شرف وحسب ونسب المبنية بآياته التدوينية { نتلوها } من التلاوة { عليك } خبر بعد خبر او خبر ابتداء وآيات الله بدل من تلك او حال او مستأنف جواب لسؤال مقدر { بالحق } ظرف مستقر حال عن الفاعل او المفعول اى حال كوننا ظاهرين بالحق او حال كوننا متلبسين بالحق اى الصدق او ظرف لغو متعلق بنتلوا اى نتلوها بسبب الحق المخلوق به فان افعال الله تعالى لا تصدر الا بتوسط الحق الذى هو المشيئة { وإنك لمن المرسلين } عطف على قوله تلك آيات الله او حال عن الآيات او عن مفعول نتلوها او عن الضمير المجرور والمقصود انا نتلو الآيات عليك والحال انك من المرسلين فبلغها حتى يعلموا انك صادق فى دعواك حيث تخبر بالمسطورات فى كتبهم من غير تعلم وتعرف.
[2.253]
{ تلك الرسل } جواب لسؤال مقدر عن حال الرسل وتساويهم وتفاضلهم وتمهيد لبيان تفضيله (ص) على الآخرين { فضلنا بعضهم على بعض } فى منقبة دون منقبة كأكثر الانبياء الذين لم يكونوا اولى العزم او فى اكثر المناقب كاولى العزم وغيرهم من ذوى الدرجات منهم او فى الكل كخاتم الانبياء (ص) { منهم من كلم الله } خبر بعد خبر ان جعل تلك الرسل مبتدأ، او تلك مبتدأ والرسل خبره، او هو خبر ابتداء ان جعل فضلنا حالا او معترضا، او هو مستأنف جواب لسؤال مقدر او بيان لفضلنا بعضهم على بعض نظير عطف البيان فى المفردات وهذا بيان للتفضيل بمنقبة خاصة { ورفع بعضهم درجات } بيان للتفضيل فى مناقب عديده، ودرجات تميز محول عن المفعول وليس حالا ولا قائما مقام المصدر كما قيل للاحتياج الى كلفة التأويل حينئذ، عن النبى (ص) انه قال
" ما خلق الله خلقا افضل منى ولا اكرم عليه منى، قال على (ع) فقلت: يا رسول الله افأنت افضل ام جبرئيل؟- فقال: ان الله فضل انبياءه المرسلين على ملائكته المقربين وفضلنى على جميع النبيين والمرسلين، والفضل بعدى لك يا على وللائمة من بعدك وان الملائكة لخدامنا وخدام محبينا "
{ وآتينا عيسى ابن مريم البينات } المعجزات الظاهرة المذكورة فى الكتاب { وأيدناه بروح القدس } تأييدا خاصا غير التأييد الذى كان لسائر الانبياء وقد التفت فى الكلام من الغيبة الى التكلم ثم منه الى الغيبة ثم منها الى التكلم ثم منه الى الغيبة فيما يأتى، والوجه العام فى الالتفات ايقاظ المخاطب للتوجه الى الكلام توجها اتم من التوجه السابق وتجديد نشاطه، ويوجد فى خصوص الموارد بعض الدواعى الخاصة { ولو شآء الله } عدم الاقتتال عطف على محذوف جواب لسؤال مقدر كأنه قيل فما فعل الناس بعد مجيء الرسل؟ - فقال: اختلفوا واقتتلوا، ولو شاء الله { ما اقتتل الذين من بعدهم } اى الذين كانوا موجودين من بعد مجيئهم او من بعد وفاتهم فيكون تعريضا بالاختلاف والقتال الواقع فى زمان محمد (ص) او بعد وفاته (ص) وتسلية له (ص): ولأوصيائه { من بعد ما جآءتهم البينات } اى المعجزات او الدلائل الواضحات او الموضحات { ولكن اختلفوا } قياس استثنائى مشير الى رفع التالى المستلزم لرفع المقدم اعنى مشيئة عدم الاقتتال وهو بمفهومه اعم من مشيئة الاقتتال لكنه بحسب الواقع مستلزم له { فمنهم من آمن } الفاء سببية او عاطفة للتفصيل على الاجمال والمراد الايمان العام الحاصل بالبيعة العامة { ومنهم من كفر ولو شآء الله ما اقتتلوا } لما نسب الاختلاف اليهم وكذا الايمان والكفر توهم منها انهم هم الفاعلون لافعالهم من دون فاعلية الله تعالى وسببية مشيئته فكرر الشرطية السابقة دفعا لهذا التوهم وتأكيدا لنسبة الافعال الى المشيئة بل حصرا لنسبة الافعال اليه تعالى من دون استقلال الغير بها او مشاركته ولذلك أتى باستثناء التالى بحيث يفيد نسبة الافعال اليه تعالى بطريق الحصر فقال:
تحقيق الجبر والقدر والامر بين الامرين وتحقيق بعض المطالب
{ ولكن الله } لا غيره { يفعل ما يريد } وهذا فى موضع لكن اختلفوا فكأنه قال ولكن اختلفوا وليس الاختلاف منهم ولا بمشاركتهم بل الله فعل الاختلاف فى مظاهرهم وقد اشار تعالى الى كبرى قياس من الشكل الاول مستنبط صغراه من المقدمات المسلمة المشهورة وهى كل شيء من افعال العباد وصفاتهم وغيرها مما له سمة الامكان فهو مراده تعالى لتسليم كل من اقر بالمبدء الاول ان لا شيء فى عالم الامكان الا بعلمه ومشيئته وارادته، وكل مراده فهو مفعول له لا لغيره لا بالاستقلال ولا بالشراكة فكل شيء من الذوات والاعراض وافعال العباد مفعول له تعالى لا لغيره فعلى هذا يكون افعال العباد فعل الله لكن فى مظاهر العباد.
وتحقيق افعال العباد بحيث لا يلزم من نسبتها الى الله جبر للعباد ولا من نسبتها الى العباد تفويض اليهم ولا تعدد فى النسبة يستدعى ذكر مقدمات:
الاولى - ان الوجود كما تكرر سابقا حقيقة واحدة ذات مراتب كثيرة متفاوتة بالشدة والضعف والتقدم والتاخر بحيث لا ينثلم بكثرتها وحدة تلك الحقيقة كالنور العرضى فانه حقيقة واحدة متكثرة بحسب المراتب القريبة والبعيدة من منبعه وبحسب السطوح المستنيرة به، فان النور يتكثر بكثرة السطوح بالعرض فاذا ارتفع السطوح وحدود المراتب واعتبارها لم يبق الا حقيقة واحدة من دون اعتبار كثرة فيها.
والثانية - أن تلك الحقيقة بذاتها تقتضى الوجوب لضرورة اتصاف الشيء بذاته وامتناع سلبه عن ذاته.
Bog aan la aqoon