Tafsirka Badda Muhitka

Abu Hayyan Gharnati d. 745 AH
56

Tafsirka Badda Muhitka

البحر المحيط في التفسير

Baare

صدقي محمد جميل

Daabacaha

دار الفكر

Lambarka Daabacaadda

١٤٢٠ هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

وَقِيلَ: هِيَ حُرُوفٌ تَدُلُّ عَلَى مُدَّةِ الْمِلَّةِ، وَهِيَ حِسَابُ أَبِي جَادٍ، كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ. وَرُوِيَ هَذَا عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: مُدَّةُ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ وَقِيلَ: مُدَّةُ الدُّنْيَا. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ أَيْضًا: لَيْسَ مِنْهَا حَرْفٌ إِلَّا وَهُوَ فِي مُدَّةِ قَوْمٍ وَآجَالِ آخَرِينَ، وَقِيلَ: هِيَ إِشَارَةٌ إِلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ كَأَنَّهُ قَالَ لِلْعَرَبِ: إِنَّمَا تَحَدَّيْتُكُمْ بِنَظْمٍ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ الَّتِي عَرَفْتُمْ. وَقَالَ قُطْرُبٌ وغيره وَغَيْرُهُ: هِيَ إِشَارَةٌ إِلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ كَأَنَّهُ يَقُولُ لِلْعَرَبِ: إِنَّمَا تَحَدَّيْتُكُمْ بِنَظْمٍ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ الَّتِي عَرَفْتُمْ فَقَوْلُهُ: الم بِمَنْزِلَةِ: أب ت ث، لِيَدُلَّ بِهَا عَلَى التِّسْعَةِ وَعِشْرِينَ حَرْفًا. وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ تَنْبِيهٌ كَمَا فِي النِّدَاءِ. وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا أَعْرَضُوا عَنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ بِمَكَّةَ نَزَلَتْ لِيَسْتَغْرِبُوهَا فَيَفْتَحُونَ لَهَا أَسْمَاعَهُمْ فَيَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ بَعْدَهَا فَتَجِبُ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةَ. وَقِيلَ: هِيَ أَمَارَةٌ لِأَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُ سَيَنْزِلُ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ كِتَابٌ فِي أَوَّلِ سُوَرٍ مِنْهُ حُرُوفٌ مُقَطَّعَةٌ، وَقِيلَ: حُرُوفٌ تَدُلُّ عَلَى ثَنَاءٍ أَثْنَى اللَّهُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ألم أَنَا اللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْمُرَادُ أَنَا اللَّهُ أرى. والمص أَنَا اللَّهُ أَفْصِلُ. وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلُ ذَلِكَ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْأَلِفُ: مِنَ اللَّهِ، وَاللَّامُ: مِنْ جِبْرِيلَ، والميم: مِنْ مُحَمَّدٍ ﷺ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: هِيَ مَبَادِئُ كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ بِالْأَلْسُنِ الْمُخْتَلِفَةِ وَمَبَانٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى وَأُصُولِ كَلَامِ الْأُمَمِ. وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: مَا مِنْهَا حَرْفٌ إِلَّا يَتَضَمَّنُ أمورا كثيرة ذارت فِيهَا الْأَلْسُنُ، وَلَيْسَ فِيهَا حَرْفٌ إِلَّا وَهُوَ مِفْتَاحُ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ، وَلَيْسَ مِنْهَا حَرْفٌ إِلَّا وَهُوَ فِي الْأَبَدِ وَلِلْأَبَدِ، وَلَيْسَ مِنْهَا حَرْفٌ إِلَّا فِي مُدَّةِ قَوْمٍ وَآجَالِهِمْ. وَقَالَ قَوْمٌ: مَعَانِيهَا مَعْلُومَةٌ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ بِهَا لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ، وَلِهَذَا قَالَ الصِّدِّيقُ ﵁: فِي كِتَابِ اللَّهِ سِرٌّ، وَسِرُّ اللَّهِ فِي الْقُرْآنِ فِي الْحُرُوفِ الَّتِي فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ. وَبِهِ قَالَ الشعب. وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ الْقَاسِمِ: مَا قَامَ الْوُجُودُ كُلُّهُ إِلَّا بِأَسْمَاءِ اللَّهِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ، وَأَسْمَاءِ اللَّهِ الْمُعْجَمَةِ الْبَاطِنَةِ أَصْلٌ لِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهِيَ خِزَانَةُ سِرِّهِ وَمَكْنُونُ عِلْمِهِ، وَمِنْهَا تَتَفَرَّعُ أَسْمَاءُ اللَّهِ كُلُّهَا، وَهِيَ الَّتِي قَضَى بِهَا الْأُمُورَ وَأَوْدَعَهَا أُمَّ الْكِتَابِ، وَعَلَى هَذَا حَوَّمَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقَائِلِينَ بِعُلُومِ الْحُرُوفِ، وَمِمَّنْ تَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ: أَبُو الْحَكَمِ بْنُ بُرْجَانَ، وَلَهُ تَفْسِيرٌ لِلْقُرْآنِ، وَالْبَوْنِيُّ، وَفَسَّرَ الْقُرْآنَ وَالطَّائِيُّ بْنُ الْعَرَبِيِّ، وَالْجَلَالِيُّ، وَابْنُ حَمُّوَيْهِ، وَغَيْرُهُمْ، وَبَيْنَهُمُ اخْتِلَافٌ فِي ذَلِكَ. وَسُئِلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ كهيعص فَقَالَ لِلسَّائِلِ: لَوْ أُخْبِرْتَ بِتَفْسِيرِهَا لَمَشَيْتَ عَلَى الْمَاءِ لَا يُوَارِي قَدَمَيْكَ. وَقَالَ قَوْمٌ: مَعَانِيهَا مَعْلُومَةٌ وَيَأْتِي بَيَانُ كُلِّ حَرْفٍ فِي مَوْضِعِهِ. وَقَالَ قَوْمٌ: اخْتَصَّ اللَّهُ بِعِلْمِهَا نَبِيَّهُ ﷺ. وَقَدْ أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنْ يَكُونَ فِي الْقُرْآنِ مَا لَا يُفْهَمُ مَعْنَاهُ، فَانْظُرْ إِلَى هَذَا الاختلاف المنتشر الذي لا يَكَادُ يَنْضَبِطُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْحُرُوفِ وَالْكَلَامِ

1 / 59