Tafsirka Badda Muhitka

Abu Hayyan Gharnati d. 745 AH
55

Tafsirka Badda Muhitka

البحر المحيط في التفسير

Baare

صدقي محمد جميل

Daabacaha

دار الفكر

Lambarka Daabacaadda

١٤٢٠ هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

وهو على وزن فعلى، كَالسُّرَى وَالْبُكَى. وَزَعَمَ بَعْضُ أَكَابِرِ نُحَاتِنَا أَنَّهُ لَمْ يجئ من فعلى مَصْدَرٌ سِوَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، فَقَدْ ذَكَرَ لِي شَيْخُنَا اللُّغَوِيُّ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ رَضِيُّ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يوسف الشَّاطِبِيُّ أَنَّ الْعَرَبَ قَالَتْ: لَقِيتُهُ لُقًى، وَأَنْشَدَنَا لِبَعْضِ الْعَرَبِ: وَقَدْ زَعَمُوا حُلْمًا لِقَاكَ وَلَمْ أَزِدْ ... بِحَمَدِ الَّذِي أَعْطَاكَ حِلْمًا وَلَا عَقْلًا وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ غَيْرُهُ مِنَ اللُّغَوِيِّينَ وَفُعَلٌ يَكُونُ جَمْعًا مَعْدُولًا وَغَيْرَ مَعْدُولٍ، وَمُفْرَدًا وَعَلَمًا مَعْدُولًا وَغَيْرَ مَعْدُولٍ، وَاسْمَ جِنْسٍ لِشَخْصٍ وَلِمَعْنًى وَصِفَةً مَعْدُولَةً وَغَيْرَ مَعْدُولَةٍ، مِثْلُ ذَلِكَ: جُمَعٌ وَغُرَفٌ وَعُمَرٌ وَأُدَدٌ وَنُغَرٌ وَهُدًى وَفُسَقٌ وَحُطَمٌ. لِلْمُتَّقِينَ الْمُتَّقِي اسْمُ فَاعِلٍ مِنِ اتَّقَى، وَهُوَ افْتَعَلَ مِنْ وَقَى بِمَعْنَى حَفَظَ وَحَرَسَ، وَافْتَعَلَ هُنَا: لِلِاتِّخَاذِ أَيِ اتَّخَذَ وِقَايَةً، وَهُوَ أحد المعاني الاثنى عشر الَّتِي جَاءَتْ لَهَا افْتَعَلَ، وَهُوَ: الِاتِّخَاذُ، وَالتَّسَبُّبُ، وَفِعْلُ الْفَاعِلِ بِنَفْسِهِ، وَالتَّخَيُّرُ، وَالْخَطْفَةُ، وَمُطَاوَعَةُ افَّعَلَ، وَفَعَّلَ، وَمُوَافَقَةُ تَفَاعَلَ، وَتَفَعَّلَ، وَاسْتَفْعَلَ، وَالْمُجَرَّدُ، وَالْإِغْنَاءُ عَنْهُ، مِثْلُ ذَلِكَ: اطَّبَخَ، وَاعْتَمَلَ وَاضْطَرَبَ، وَانْتَخَبَ، وَاسْتَلَبَ، وَانْتَصَفَ مُطَاوِعُ أَنْصَفَ، وَاغْتَمَّ مُطَاوِعُ غَمَمْتُهُ، وَاجْتَوَرَ، وَابْتَسَمَ، وَاعْتَصَمَ، وَاقْتَدَرَ، وَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ. وَإِبْدَالُ الْوَاوِ فِي اتَّقَى تَاءً وَحَذْفُهَا مَعَ هَمْزَةِ الْوَصْلِ قَبْلَهَا فَيَبْقَى تَقَى مَذْكُورٌ فِي عِلْمِ التَّصْرِيفِ. فَأَمَّا هَذِهِ الْحُرُوفُ الْمُقَطَّعَةُ أَوَائِلُ السُّوَرِ، فَجُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّهَا حُرُوفٌ مُرَكَّبَةٌ وَمُفْرَدَةٌ، وَغَيْرُهُمْ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهَا أَسْمَاءٌ عُبِّرَ بِهَا عَنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ الَّتِي يُنْطَقُ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ مِنْهَا فِي نَحْوِ: قَالَ، وَالْمِيمِ فِي نَحْوِ: مَلَكَ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: إِنَّهَا أَسْمَاءُ السُّوَرِ، قَالَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ. وَقَالَ قَوْمٌ: إِنَّهَا فَوَاتِحُ لِلتَّنْبِيهِ وَالِاسْتِئْنَافِ لِيُعْلَمَ أَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ قَدِ انْقَضَى. قَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ فِي فَوَاتِحِ السُّوَرِ كَمَا يَقُولُونَ فِي أَوَّلِ الْإِنْشَادِ لِشَهِيرِ الْقَصَائِدِ. بَلْ وَلَا بَلْ نَحَا هَذَا النَّحْوَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْأَخْفَشُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هِيَ أَسْمَاءُ السُّوَرِ وَفَوَاتِحُهَا، وَقَوْمٌ: إِنَّهَا أَسْمَاءُ اللَّهِ أَقْسَامٌ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَا لِشَرَفِهَا وَفَضْلِهَا. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَوْمٍ: هِيَ حُرُوفٌ مُتَفَرِّقَةٌ دَلَّتْ عَلَى مَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَهَؤُلَاءِ اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْمَعَانِي فَقَالَ قَوْمٌ: يَتَأَلَّفُ مِنْهَا اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ، قَالَهُ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ، إِلَّا أَنَّا لَا نَعْرِفُ تَأْلِيفَهُ مِنْهَا، أَوِ اسْمُ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِهِ، أَوْ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ، لَكِنْ جَهِلْنَا طَرِيقَ التَّأْلِيفِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هِيَ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى مُقَطَّعَةٌ، لَوْ أَحْسَنَ النَّاسُ تَأْلِيفَهَا تَعَلَّمُوا اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ أَسْمَاءُ الْقُرْآنِ كَالْفُرْقَانِ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: لَيْسَ مِنْهَا حَرْفٌ إِلَّا وَهُوَ مِفْتَاحُ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى.

1 / 58