Tafsir Al-Uthaymeen: Stories
تفسير العثيمين: القصص
Daabacaha
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٦ هـ
Goobta Daabacaadda
المملكة العربية السعودية
Noocyada
فإذن: الاختيار أعمُّ مِن الْخَلْقِ مِنْ وجهٍ؛ حيث يشمل المخلوقَ، وغيرَ المخلوقِ، فهو يختار ﷾ مَا يُرِيدُهُ مِن شرع، أي: أَعَمُّ مِن هَذَا الْوَجْهِ، وأما الخَلقُ فإنه أَعَمُّ مِن حَيْثُ إِنَّهُ يشمل الأعيانَ والأوصافَ.
قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: [﴿مَا كَانَ لَهُمُ﴾ للمشركين ﴿الْخِيَرَةُ﴾ الاختيار].
قوله: ﴿مَا كَانَ لَهُمُ﴾: ﴿مَا﴾ هُنَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهَا اسْمٌ موصول، أي: يَخْتَارَ مَا كَانَ لَهُمُ الخِيرة، وَمَا يَكُونُ فِيهِ خَيْرٌ لهمْ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: ﴿مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ﴾ موصول بقوله: ﴿وَيَخْتَارُ﴾؛ لِأَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ ذَهَبَ إِلَيْهِ المعتزلة الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّهُ يَجِبُ عَلَى اللَّهِ فِعْلُ الأفضل، أو الصلاح، فقالوا: إِنَّهُ تعالى مَا يَخْتَارُ إِلَّا مَا كَانَتْ فيه الخِيَرة، أَمَّا مَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ خِيَرة، فلا يختاره، وَهَذَا مَعْنَا أَنَّهُ ﷿ يَفْعَلُ مَا هُوَ أصلح، أَوْ مَا هُوَ صلاحٌ.
ولكنَّ أكثر المُفَسِّرين -وعلى رأسِهم ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ يقولون: إن (ما) نافية، وَكَمَا قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: لَا يَكُونُ الخِيَرة لهؤُلاءِ المشركين، ولا لأصنامهم أيضًا، فأصنامُهم لا تخلُق ولا تختار، وَكَذَلِكَ هُمْ لَيْسَ لهمْ حقُّ الاختيار فِيمَا أَرَادَ اللَّهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّوَابُ، وَعَلَى هَذَا فيكونُ الوقفُ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿وَيَخْتَارُ﴾، ثم الاستئناف بقوله: ﴿مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ﴾، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ فِي هَذِهِ الآيَةِ، أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي لَهُ الِاخْتِيَارَ المطلق، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ خيَرةٌ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٣٦]، فلا يختارون مِنْ أَمْرِهِمْ إِلَّا مَا اخْتَارَ اللَّهُ.
وهَلْ يَجِبُ عَلَى اللَّهِ فِعْلُ الأصلح والصلاح أَمْ لَا يَجِبُ؟
فنقولُ: أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ بمقتضى الحكمة، وليس بُمقتضى عقولنا؛ فَإِنَّ اللَّهَ
1 / 302