297

Tafsir Al-Uthaymeen: Stories

تفسير العثيمين: القصص

Daabacaha

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣٦ هـ

Goobta Daabacaadda

المملكة العربية السعودية

Noocyada

قوله: ﴿مَا يَشَاءُ﴾ وَلَمْ يَقُلْ: مَنْ يَشَاءُ، مَعَ أَنَّ المخلوقات فِيهَا مَا هُوَ عاقل، ولكنه تغليب لغير العاقل؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ، ثُمَّ مِنْ أَجْلِ أَنْ يشمل الأعيان والأوصاف، والأوصاف لَيْسَتْ مِنَ الْعُقَلَاءِ، وإذا رويت الأوصاف أُتِي بـ (ما).
وانظروا إِلَى قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣]، وَلَمْ يَقُلْ: مَن طاب، مَعَ أَنَّ المنكوح عاقل، لَكِنَّهُ لمَّا كَانَتِ المرأة تُنكح لِصِفَاتها قال: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ﴾ يعني: راعُوا الصفة.
فهنا قوله: ﴿يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾ عَبَّر بـ ﴿مَا﴾ تعبيرًا لغير العاقل، لكثرته، ولِيشمل الأعيان والأوصاف، فَاللَّهُ تعالى خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ: الأعيان والأوصاف.
ولهذا فإن مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ والجماعة أَنَّ اللَّهَ تعالى خالقٌ للعبد، ولأفعال العبد، الَّتِي هِيَ أوصافُه، فَاللَّهُ تعالى ﴿يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾، وقوله: ﴿مَا يَشَاءُ﴾ أي: مَا يَشَاءُ خَلْقَه، فالمفعول إذن محذوفٌ، وهذه المشيئة كُلُّ مَا ذَكَرَ اللَّهُ تعالى عَنِ فَعَلَ مَنْ أفعاله أنه تابعٌ للمشيئة، فإنه مقرونٌ بالحكمة؛ لِأَنَّ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تعالى الحكيم، فَلَا يَخْلُقُ شَيْئًا عَبَثًا، وَلَا يَحْكُمُ بشيء عبثًا، كُلُّ مَا شَاءَهُ فهو مقرون بحكمة.
وقوله: ﴿وَيَخْتَارُ﴾ قَالَ المُفَسِّرُ ﵀: ﴿مَا يَشَاءُ﴾، أي: يَخْتَارُ مَا يَشَاءُ، والاختيار الأخذُ بخيرِ الأمرين، فهو ﷾ أيضًا يأخذ بِمَا يَرَاهُ خَيْرًا مِنْ أَفْعَالِهِ وأحكامه، فَتَصْوير الخَلق عائدٌ لأصل التكوين، والاختيار عائد للتعيين المَبْنِيِّ عَلَى الْإِرَادَةِ التامَّة، فَهُوَ لَا مُعَقِّبَ لحُكمة، ولا رادَّ لقضائه، فيختار مَا يُرِيدُ ﷿، يخلُق الآدميَّ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، واختار أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وخَلَق البهيمة المركوبة، وَاخْتَارَ أَنْ تَكُونَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا اخْتَارَ أَنْ يَكُونَ شرعُه كذا -وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مخلوقًا- عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.

1 / 301