Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
Daabacaha
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٦ هـ
Goobta Daabacaadda
المملكة العربية السعودية
Noocyada
بِه آدَمُ، فإِنَّ آدَم بَشَرٌ وذُرِّيَّتُه انْتَشرَتْ فِي الأرْضِ.
وقوْله تَعالَى: ﴿إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ﴾ مبتَدَأٌ وخبَرٌ، وجُمْلَةُ ﴿تَنْتَشِرُونَ﴾ في محَلِّ رفْعِ صفَةٍ لـ (بَشَر)، وإِذا جعَلْناها صِفَةً لِـ (بَشَر) صَار فِيها إشْكَالٌ مِنْ جِهة أنَّ (بشَرٌ) مفْرَدٌ و(تنتشرون) جمْعٌ، لكن المُفْرد المُرادَ بِه الجِنْس يكُونُ لِلْجَمْعِ.
وسُمِي الإنْسانُ بَشرًا قِيلَ لأَنَّ بشْرَتَه بَادِيَةٌ، إِذْ إِنَّ الحيوانَاتِ الأخرى عَلَى أبْشَارِها مَا يستْرُها لحكْمَةٍ، وأمَّا الآدَمِيّ فإنَّ بشْرَتَهُ بَارِزَةٌ ظَاهِرَةٌ، وقِيلَ: لأنَّهُ تبْدُو عَلَى بشْرَتِه انفعالاتُه النّفسيَّةُ، مثْلُ الغَضبِ والفَرَحِ ومَا أشْبَهَ ذَلِك، فإِنَّها تبْدُو ظَاهِرَةً عَلَى وجْهِه.
وقوله ﵀: [﴿تَنْتَشِرُونَ﴾ في الأرْض]، قيَّدَ المُفَسِّر ﵀ الانْتِشارَ بأنَّه فِي الأَرْضِ، لقوْلِه تَعالَى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ [الجمعة: ١٠]، فالانتِشارُ والتّوسُّع فِي الأرْضِ، فقوْله ﷾: ﴿تَنْتَشِرُونَ﴾ أيْ تذْهَبُون يَمِينًا وَشمالًا؛ وَلهَذا لا شَكَّ أنَّ بَنِي آدَم كانُوا فِي أَوَّلِ أمْرِهمْ فِي مكَانٍ واحِدٍ، ثمَّ انْتَشرُوا في جَميعِ القارَّاتِ عَلَى تبَاعُدِ مَا بيْنَها، وانْظُر الآن البَشر منتَشِرٌ في جَميع أقْطَارِ الدّنيا، وسُبْحانَ الله العظيمِ، فمَنِ الَّذي أوْصَل أهلَ أمَرِيكا إِلَى أمِرِيكا، ومَنِ اَّلذي أوْصَلَهُم إِلَى البِلادِ الأخرى مَع هَذِهِ المحِيطاتِ العَظِيمَةِ؛ لأَنَّ آدَم لا شَكَّ كانَ فِي إحْدَى القارَّاتِ، لكنْ مَنِ الَّذي أوْصَل بَنيه إِلَى القارَّاتِ الأخرى؟ الله أعلَمُ، وقدْ يَكُونُ الله يسَّر لهم فِي ذَلِك الوَقْتِ مِنَ الأسْبَابِ مَا قدْ زَالَ الآنَ ولَا نعْرِفُه حتَّى وصَلُوا إِلَى هَذهِ البِلَادِ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: ما صِحَّةُ مَا ساقَهُ القُرطُبِيُّ في تفسِيرِ آيةِ الحَجِّ مَن أنَّ المَنِيَّ فِيه تُرابٌ؟
1 / 103