Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
Daabacaha
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٦ هـ
Goobta Daabacaadda
المملكة العربية السعودية
Noocyada
قوله ﵀: [﴿أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ﴾ أي: أصلكم آدم]: (أصلكم) تفسيرٌ للكَاف في قوْلِه: ﴿خَلَقَكُمْ﴾، يعْنِي باعْتِبَارِ أصْلِنا بالاعْتِبار المُباشِرِ فإِنَّ الإِنْسانَ خُلِق مِنْ نُطْفَةٍ كَما قالَ تَعالَى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ﴾ [المؤمنون: ١٢، ١٣]، والسُّلالَةُ خالصُ كُلِّ شيْءٍ عَلَى حَسَب مَا يَبِينُ، فقوْلُه تَعالَى: ﴿مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾ آدَم، وقوْلُه تَعالَى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ﴾ هَؤُلاءِ بَنُو آدَمَ، وقَوْلُه: ﴿جَعَلْنَاهُ﴾ هو أيِ الإِنسانُ بِاعْتِبَارِ جِنْسِه.
قوْله تَعالَى: ﴿مِنْ تُرَابٍ﴾: (مِنْ) لابْتِدَاءِ الغايَةِ، وَالمَعْنى أنَّ ابْتِدَاءَ الخلْقِ مِن التُرابِ.
قولُه ﵀: [﴿إذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ﴾ مِنْ دَمٍ وَلحمٍ ﴿تَنْتَشِرُونَ﴾ فِي الأرْضِ]: كُنْتُم تُرابًا والتُّرابُ لا يتَحَرَّكُ مِن مَكانِهِ ولَا يَنْتَشِرُ وَلَيْس فِيه حرَكَةٌ، ثمَّ بعْدَ ذَلِك إِذَا أنْتُم بَشَرٌ تنتَشِرُونَ، (ثُمَّ) دالَّةٌ عَلَى المُهْلَةِ؛ لأنَّهُ بعْدَ خلْقِ آدَم لَمْ يأْتِ الأوْلَادُ مبَاشَرَةً بَلْ خُلِق لَهُ زوْجَةٌ ثمَّ جَاء مِنْ هَذِهِ الزّوْجَةِ.
قوْله تَعالَى: ﴿إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ﴾: ﴿إِذَا﴾ فُجائِيَّةٌ، يعْنِي ثمَّ صَارَتِ المُفاجَأَةُ عَلَى هَذا الوَجْه.
قوْله تَعالَى: ﴿ثُمَّ إِذَا﴾: قَدْ يَقُولُ قَائِلٌ: إنَّ في هَذا ما ظَاهِرُه التَّناقُضُ لأَنَّ (إِذَا) هُنا فُجائِيَّةٌ، وَ(ثُمَّ) للمُهْلَةِ، والمُفاجَأَةُ والمُهْلَةُ متناقِضَانِ، إِذ إِنَّ المُفاجَأَةَ تدُلّ عَلَى المُبادَرة فيُجَابُ عَنْ ذَلِك بأنَّ المفاجَأَةَ بعْدَ المُهْلَةِ؛ لأَنَّ التّرابَ لَا يَكُونُ بَشرًا في الحالِ، وإِنَّما تطَوَّر لمدَّةٍ حتَّى وَصَلَ إِلَى البَشرِيَّةِ، هَذا إِذا قُلْنا: إِنَّ المُرادَ بالبَشَر خُصوصُ آدَم، أمَّا إِذا قُلْنَا: المُرادُ بِهِ ذُرّيَّتُه، فالمُهْلَةُ ظَاهِرَةٌ، لأَنَّ هَذا يشْمَلُ الذّرَّيَّةَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَة فالمُهلَةُ ظاهِرَةٌ، لكِنَّ المفاجَأةَ فِي قوْلِه تَعالَى: ﴿إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ﴾، قدْ تُوحِي إِلَى أنَّ المُرادَ
1 / 102