Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
Daabacaha
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٦ هـ
Goobta Daabacaadda
المملكة العربية السعودية
Noocyada
والحقِيقَةُ أنَّ العاقِلَ يَسْتَدِلُّ بِهَذا التّأجِيلِ عَلَى وُجوبِ لِقَاءِ الله إِذَا رَأَى أصْحابَهُ وقُرنَاءَه الَّذِين كانُوا بالأمْسِ معَهُ يذْهَبُون واحِدًا فَواحِدًا، فَلا شكَّ أنَّ هذَا يحْمِلُه عَلَى الإِيمَان؛ لأنَّهُ يعْلَمُ أنَّه لَو دامَتِ الدّنيا لأَحَدٍ مَا وصَلَتْ إِلَيْهِ، فإنَّها مَا وصلَتْ إِلَيْك إلا بعْدَ أنْ خلَّفَتْ غيرَكَ.
إِذَنْ: يُستْدَلُّ بهذِه الآجالِ المقَدَّر عَلَى أنَّه لا بُدَّ أنْ يكُونَ هُناكَ شيْءٌ ورَاء هَذا كلِّهِ، ومنَ المؤَكَّد أنَّه ليْسَ مِن الحكْمَةِ أنْ تُنْشَأَ هَذِهِ الخلِيقَةُ العظِيمَةُ، وَبِهذَا النّظَامِ البدِيعِ، ثمَّ تكُونُ النّهايَةُ أنْ يَمُوتَ الإنسان كَجِيفَةِ حِمَارٍ؛ وَلِهَذا قالَ الله تَعالَى: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ [القصص: ٨٥]، فهَذِه الشّرائِعُ التي نزَلتْ لا بُدَّ أنْ يكُونَ وراءَها شيْءٌ وهُوَ البعْثُ الَّذي بِه لِقَاءُ الله ﷿، لكِنْ مَع هَذا ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ﴾.
الفائدة السادسة عشرة: إثْبَات البعْثِ المفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ تَعالَى: ﴿بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ﴾.
الفائدة السابعة عشرة: أنَّ كُلَّ أحَدٍ سيُلاقِي الله ﷿؛ نأْخُذُه مِنْ قَوْلِهِ تَعالَى: ﴿بِلِقَاءِ رَبِّهِم﴾، وقَال تَعالَى فِي سُورَةِ الانْشِقاق: ﴿يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾ [الانشقاق: ٦].
فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: هَل هَذا اللِّقاءُ شامِلٌ للمُؤْمِنِ والكافِر؟
قُلْنَا: نَعَمْ، لكِنْ هُناكَ فَرْق بيْنَ اللِّقائَيْنِ، كَما أنَّ الرّجُلَ يُلاقِي زْيدًا ويُلاقِي عَمْرًا وَيكُونُ بَيْن اللِّقائَيْنِ فَرْقٌ عظِيمٌ، فَيُلاقِي هَذا بِوَجْهِ غَضَبٍ، ويُلاقِي هَذا بوَجْهِ رِضًا، وَهَذا بِوَجْهِ انْقبَاضٍ وَهَذا بِوَجْهِ انْبِسَاطٍ، ومَا أشْبَهَ ذَلِكَ.
1 / 47