Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
Daabacaha
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٦ هـ
Goobta Daabacaadda
المملكة العربية السعودية
Noocyada
نأْخُذُه مِنْ قَوْلِهِ: ﴿إِلَّا بِالْحَقِّ﴾؛ لأَنَّ ضِدَّهُ الباطِلُ، والباطِلُ إِمَّا ضارٌّ وإِمَّا غيرُ ضارٍّ ولَا نافِعٍ، وكُلُّ لهوٍ يلْهُو بِه ابْنُ آدَم فهُوَ بَاطِلٌ إلا كَذا وكَذا (^١).
والمُهِمُّ: أنَّه ما دَامَتِ السّموَاتُ وَالأرْض كُلُّها خُلِقَتْ بالحقِّ والجدِّ والصّدْقِ والثّباتِ فيَنْبغِي لكَ أنْ تكُونَ موافِقًا لهذِه الحكْمَةِ التي مِنْ أجْلِها خُلِقَتِ السّموَاتُ وَالأرْض.
الفائِدَتانِ الثّانِيَةَ عشْرَةَ والثالِثةَ عشْرَةَ: أنَّ هَذا الخلْقَ عَلَى عِظَمِه لَه أَجَلٌ محدُودٌ؛ لقوْلِه تَعالَى: ﴿وَأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ أي مُعَيّنٍ، وكلُّ شيءٍ في السّموَاتِ وَالأرْض كُلِّيًّا كَان أمْ جُزْئِيًّا فإِنَّهُ مُحَدَّدٌ إِلَى أجَلٍ مُسَمًّى، وسوَاءٌ كانَ ذَلِك عيْنًا أَوْ صِفَةً فإِنَّها محدَّدَة إِلَى أجَلٍ مُسَمًّى؛ وَمن الحكَم المشْهُور (دَوَامُ الحالِ مِنَ المحَالِ)، وَهَذا يتفَرَّعُ علَيْه فائِدَةٌ أُخْرَى وَهِي أنَّ الخلْقَ ناقِصٌ، حيْثُ لم يُقَدَّر لَهُ الأبَدِيَّةُ، فَهُوَ نَاقِصٌ، وَلِهَذا تأْتِي الحيَاةُ الآخرةُ كامِلَةً؛ لأنَّهَا مؤَبَّدَةٌ.
الفائدة الرابعة عشرة: كَمالُ الحكْمَةِ؛ حيْثُ كانَ كُلُّ شيْءٍ لَهُ أجَلٌ مقَدَّرٌ منَظَّمٌ، ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [الرعد: ٨]، والمقْدَارُ يشْمَلُ مِقْدَارَ الكمِّيَّةِ ومِقْدَارَ الكيفيَّةِ ومِقْدَارَ الزّمنِيَّةِ ومِقْدَارَ المكَانِيَّةِ، فكُلُّ هذِه الأنواعِ الأرْبَعَةِ يشْمُلُها قوْلُه تَعالَى: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ [الرعد: ٨].
الفائدة الخامسة عشرة: أنَّه مَع هَذِهِ الآيَات العظْمَى - خَلَقِ السّموَاتِ وَالأرْض وما بَيْنَهُما، وتأَجِيلِ ذَلِك بأجَلٍ مُسَمًّى، وتقْدِيرِه بتَقْدِيرٍ مُعَيَّنٍ - كَثِيرٌ مِن النّاسِ يُنْكِرُون لِقاءَ الله.
(^١) كما ورد في الحديث: "كُلُّ مَا يَلْهُو بِهِ الرّجُلُ المسْلِمُ بَاطِلٌ إلا رَمْيَهُ بِقَوْسِهِ، وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ، وَمُلَاعَبَتَهُ أَهْلَهُ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ الحقّ"، أخرجه التّرمذي: كتاب فضائل الجهاد، باب ما جاء في فضل الرّمي في سبيل الله، رقم (١٦٧٣).
1 / 46