الْآنَ نحللها من وجهةِ اللُّغةِ العربيَّة، فالصَّواب فِي هَذَا إذا كنا جماعة (والِدِينَا)؛ لِأَنَّ (والِدَيْنَا) ما تكون إِلَّا عَلَى سبيل التجوُّز كما تَقَدَّمَ.
قال: ﴿وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا﴾: ﴿وَأَنْ أَعْمَلَ﴾ معطوفة عَلَى قوله: ﴿أَنْ أَشْكُرَ﴾، يعني: وأَلْهِمْني أنْ أعملَ صالحًا ترضاهُ، وهنا قوله: ﴿وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا﴾ أي: أَعْمَل عَمَلًا صالحًا، والعَمَلُ الصالحُ لا يَكُون إِلَّا إذا تَضَمَّنَ شرطينِ أساسيينِ هما: الإخلاصُ والمتابَعة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ [البينة: ٥]، والإخلاصُ واضحٌ فِي الأَنْبِياء وغيرِهم، والمتابعةُ فِي غيرِ الأَنْبِياء واضحةٌ أيضًا، وَفِي الأَنْبِياء قد تكونُ غيرَ واضحةٍ عندَ البعضِ، لَكِنَّها واضحةٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيّ ﷺ يَتبع شريعةً تُوحَى إليه، وهُوَ قد لا يَتبع هَذِهِ الشَّرِيعَة لكِن كما تقدَّم أَنَّ الأَنْبِياء - عليهم الصَّلَاة والسلام - معصومونَ مِن الإقرارِ عَلَى المَعاصِي مُطْلَقًا، فإذنِ المتابَعَةُ موجودةٌ فِي الأَنْبِياء أيضًا؛ لِأَنَّهَا متابَعة للشرعِ الَّذِي أُوحِيَ إليهم.
هَذَا العَمَلُ الصالحُ ما جمعَ بينَ أمرينِ: الإخلاص والمتابعة، ففي فَقْدِ الإخلاصِ يَكُونُ الشِّرْكُ، وَفِي فَقْدِ المتابعةِ يَكُونُ الابتداعُ، فالعَمَلُ الَّذِي فِيهِ شِرك مردودٌ، قَالَ الله تَعَالَى فِي الحديث القُدُسِي: "أَنا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي ترَكْته وَشِرْكَهُ" (^١).
حَتَّى الرياءُ نَوْعٌ منَ الشركِ، فإذا عمِل الْإِنْسَان العِبادَةَ وَهُوَ مُرَاءٍ فيها فَهُوَ مَعَ الإثمِ مردودٌ عليه عَمَلُه.
كذلك أيضًا فِي الابتداع؛ قَالَ النَّبِيّ ﷺ: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ