52

فكم بين من باشر الحق تسويته وتعديله، وجمع له بين يديه المقدستين، ثم نفخ بنفسه فيه من روحه نفخا استلزم معرفة الأسماء كلها، وسجود الملائكة له أجمعين، وإجلاسه مرتبة الخلافة عنه في التكوين، وبين من خلقه بيده الواحدة، أو بواسطة ما شاء من خلقه ولم يقبل من حكمي التسوية والتعديل ما قبله هذا النائب الرباني، وكون الملك ينفخ فيه الروح بالاذن.

كما ورد في الشريعة عنه (صلى الله عليه وآله) انه قال: يجمع أحدكم في بطن امه أربعين يوما نطفة، ثم أربعين يوما علقة، ثم أربعين يوما مضغة، ثم يؤمر الملك فينفخ فيه الروح، فيقول: يا رب، أذكر أم أنثى؟ أشقي أم سعيد، ما رزقه، وما أجله، ما عمله؟ فالحق يملي والملك يكتب.

فأين هذا من قوله:

فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين

[الحجر:29]. شتان بينهما ها هنا أضاف المباشرة إلى نفسه بضمير الإفراد الرافع للاحتمال، ولهذا قرع بذلك المتكبر اللعين المتأبي عن السجود له، ولعنه وأخزاه بقوله:

ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي

[ص:75].

وقد وقع التأكيد في هذا المعنى منه (صلى الله عليه وآله) بأمور كثيرة، منها قوله: إن الله خلق آدم على صورته - وبرواية - على صورة الرحمن، ولقوله في التأكيد الرافع للاحتمال الذي ركن إليه أرباب العقول السخيفة، الجاهلون بأسرار الشريعة والحقيقة، في وصيته بعض أصحابه في الغزو: إذا ذبحت فاحسن الذبحة، وإذا قتلت فاحسن القتلة، واجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته.

وقال أيضا (صلوات الله عليه وآله): في هذا المعنى: إذا خلق خلقا للخلافة مسح بيمينه على ناصيته، فنبه على مزيد الاهتمام والخصوصية.

وأشار أيضا في حديث آخر ثابت: أن الذي باشر الحق سبحانه ايجاده أربعة أشياء ثم سردها فقال: خلق جنة الخلد بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس شجرة طوبى بيده، وخلق آدم بيده.

Bog aan la aqoon