أقول: وهذا كقولك لمن يباحثك في مقدمة علمية: ما قلته لك أمر بديهي عند من يهتدي به من العقول الصحيحة والقلوب السليمة.
وأما النكتة في تقدير " الريب " ها هنا على الظرف، وتأخير " الغول " عنه في قوله:
لا فيها غول
[الصافات:47]، فهي أن الأهم ها هنا نفي الريب بالكلية عن الكتاب، ولو قلت: لا فيه ريب، لأوهم أن هناك كتابا آخر حصل فيه الريب، كما قصد في قوله: لا فيها غول، تفضيل خمر الجنة على خمور الدنيا بأنها لا تغتال العقول كما يغتال خمر الدنيا.
تنبيه
الوقف على " فيه " هو المشهور، وعن نافع وعاصم انهما وقفا على " ريب " ولا بد لهما أن ينويا خبرا، ونظيره قولك: لا ضير ولا بأس. فالتقدير: لا ريب فيه؛ فيه هدى.
قيل: إن القراءة المشهورة أولى، لأن كون الكتاب نفسه هدى أولى من أن يكون فيه هدى، وأوفق لما تكرر في تسمية القرآن من أنه نور وهدى. قوله جل اسمه:
هدى للمتقين
إعلم أنه من جملة الأوصاف التي امتاز بها القرآن عن سائر الكتب النازلة على الأنبياء السابقين - صلوات الله على نبينا وعليهم اجمعين - أن القرآن نفسه هدى ونور، لأن المراد منهما، الحاصل بالمصدر، وسائر الكتب فيها هدى ونور، كما في قوله تعالى:
أنزلنا التوراة فيها هدى ونور
Bog aan la aqoon