ومنه قوله (صلى الله عليه وآله):
" دع ما يريبك الى ما لا يريبك ".
وأما قولهم: ريب الأمر، وريب الزمان لحوادثه، كقوله تعالى:
نتربص به ريب المنون
[الطور:30]، وقول الشاعر:
قضينا من تهامة كل ريب
وخيبر ثم أجمعنا السيوفا
في معنى ما يختلج في القلب من أسباب الغيظ وقلق النفس واضطرابها، فهما يرجعان أيضا إلى معنى الشك، لأن الشك ريبة، والعلم طمأنينة، وما يخاف به من ريب المنون أمر محتمل فهو كالمشكوك فيه. وكذلك ما اختلج فيه القلب وتعلقت به النفس فهو غير مستيقن.
أقول: إعلم أن الإمكان والشك يجريان مجرى واحدا، كما ان الوجوب والعلم اليقيني يجريان مجرى واحدا، إلا أن الأولين حال الوجود العيني، والأخيرين حال الوجود العلمي، وإذا كان الموجود عين المعلوم، فقد كان الوجوب عين العلم، كما في علم الباري بذاته، وبالأمور الصادرة عن ذاته من جهة علمه بذاته.
وكذلك قد يكون الإمكان عين الشك، كما في إدراكنا الأشياء المحسوسة والمتغيرة، فقوله لا ريب فيه، المراد منه نفي كونه مظنة الريب بوجه من الوجوه - لكونه من العقليات الدائمة الموجودة في علم الله وفي اللوح المحفوظ - من التغير والنسخ، وسائر الكتب ليست كذلك، لأنها ككتاب المحو والإثبات قابلة للنسخ والتبديل.
Bog aan la aqoon