ثم قالوا: إن مسمياتها لما كانت عنصر الكلام وبسائطه التي منها تركبت، افتتح الكلام في السور بطائفة منها ايقاظا لمن تحدى بالقرآن، وتنبيها على أن المتلو عليهم كلام منظوم مما ينظمون منه كلامهم، فلو كان من عند غير الله لما عجزوا عن آخرهم مع تظاهرهم وقوة فصاحتهم عن الإتيان بما يدانيه.
وليكون أول ما يقرع الأسماع مستقلا بنوع من الإعجاز، فإن النطق بأسماء الحروف مختص بمن خط ودرس. فأما من الأمي الذي لم يخالط الكتاب، فمستبعد مستغرب خارق للعادة كالكتابة والتلاوة، سيما وقد راعى في ذلك ما يعجز عنه الأديب الأريب الفائق في فنه. وهو أنه أورد في هذه الفواتح أربعة عشر اسما في نصف أسامي حروف المعجم - ان لم يعد الألف فيها حرفا برأسه - في تسع وعشرين سورة بعددها، إذا عد فيها الألف مشتملة على أنصاف أنواعها.
فذكر من المهموسة هي ما يضعف الاعتماد على مخرجه، ويجمعها: " فحثه شخص سكت " نصفها: الحاء والهاء والصاد والسين والكاف.
ومن البواقي المجهورة نصفها: " لن يقطع امر ".
ومن الشديدة، الثمانية المجموعة يجمعها: " اجد قط بكت " ، أربعة يجمعها " اقطك ".
والبواقي الرخوة عشرة، يجمعها: " حمس على نصره ".
ومن المطبقة، التي هي الصاد والضاد والطاء والظاء نصفها، ومن البواقي المنفتحة نصفها. ومن القلقة: وهي حروف تضطرب عند خروجها، ويجمعها: " قطب جد " نصفها الأقل لقلتها. ومن اللينتين الياء، لأنها أقل ثقلا، ومن المستعلية - وهي التي يتصعد الصوت بها في الحنك الأعلى - وهي سبعة، يجمعها: " خص ضغط قض " - نصفها الأقل.
ومن البواقي المنخفضة نصفها.
ومن حروف البدل؛ وهي أحد عشر - على ما ذكره سيبويه واختاره ابن جني - ويجمعها: " اجد طويت " منها الستة الشائعة المشهورة التي يجمعها: " اهطمين " ، ومما يدغم في مثله ولا يدغم في المقارب، وهي خمسة عشرة: الهمزة والهاء والعين والصاد والطاء والميم والياء والخاء والغين والضاد والفاء والظاء والشين والزاي والواو، نصفها الأقل.
ومما يدغم فيهما وهي الثلاثة عشر الباقية، نصفها الأكثر؛ الحاء والقاف والكاف والراء والسين واللام والنون، لما في الإدغام من الخفة والفصاحة، ومن الأربعة التي لا تدغم فيما يقاربها وتدغم فيما يتقاربها وهي: الميم والزاي والسين والفاء نصفها.
Bog aan la aqoon