[النساء: 32] والحاسد الذي يتمنى أن تكون نعمة صاحبه له { إنه لذو حظ عظيم } في الدنيا، قوله تعالى: { وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها } الكلمة التي تكلم بها العلماء والثواب لأنه في معنى التوبة والجنة { إلا الصابرون } على الطاعة عن الشهوات وعلى ما قسم الله من القليل عن الكثير { فخسفنا به وبداره الأرض } أي أذهبناه وداره في الأرض، وقد قيل : أن قارون كان يؤذي موسى (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى نزلت الزكاة فصالحه عن كل ألف دينار على دينار، وعن كل ألف درهم على درهم، فاستكثره فسخت به نفسه، فجمع بني اسرائيل فقال: أن موسى أرداكم على كل شيء وهو يريد أن يأخذ أموالكم، فقالوا: أنت كبيرنا وسيدنا فمر بما شئت، قال: نبرطل فلانة، فجعل لها ألف دينار، وقيل: طشت من ذهب مملوءة ذهبا، فلما كان يوم عيد لهم قام فقال: يا بني إسرائيل من سرق قطعناه، ومن افترى جلدناه، ومن زنا وهو غير محصن جلدناه، وإن أحصن رجمناه، فقال قارون: وإن كنت أنت؟ قال: وإن كنت أنا، قال: فإن بني إسرائيل يزعمون أنك فجرت بفلانة، فأحضرت فناشدها موسى بالذي فرق البحر وأنزل التوراة أن تصدق فقالت: كذبوا بل جعل لي قارون جعلا على أن أقذفك بنفسي، فخر موسى ساجدا لله يبكي فأوحى الله إليه أن مر الأرض بما شئت فإنها مطيعة لك، فقال: يا بني إسرائيل إن الله بعثني إلى قارون كما بعثني إلى فرعون فمن كان معه فليلزم مكانه ومن كان معي فليعتزل، فاعتزلوا جميعا غير رجلين ثم قال: يا أرض خذيهم فأخذتهم الأرض إلى الركب، ثم قال: خذيهم فأخذتهم الى الأوساط، ثم قال: خذيهم إلى الأعناق، وقارون وأصحابه يتضرعون إلى موسى ويناشدونه بأمه والرحم وموسى لا يلتفت إليهم لشدة غضبه، ثم قال: خذيهم، فانطبقت عليهم، فأوحى الله إلى موسى: ما أقصاك استغاثوك مرارا فلم ترحمهم { فما كان له من فئة } جماعات { ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين } بنفسه { وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس } من المال والزينة، وقيل: من العلم { يقولون ويكأن } يعني ألم تعلم، وقيل: هي كلمة ابتدأ بها وتحقيق أن { الله يبسط الرزق لمن يشاء } أي يوسع على من يشاء { ويقدر } يضيق على من يشاء بحسب المصلحة { لولا أن من الله علينا لخسف بنا } يعني لولا أن من الله علينا بالإيمان لخسف بنا بما تمنيناه من منزلة قارون { ويكأنه لا يفلح الكافرون } أي لا يظفر تبعيته.
[28.83-88]
{ تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض } أي تكبرا وتجبرا { ولا فسادا } إنفاقا في وجوه الظلم، وقيل: عملا بالمعاصي { والعاقبة للمتقين } أي العاقبة المحمودة وهي الجنة للمتقين { من جاء بالحسنة } أي من عمل حسنة { فله خير منها } قيل: ثوابها خير منها { ومن جاء بالسيئة } بالمعاصي { فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون } أي لا يزاد في عقابهم على قدر المستحق { إن الذي فرض عليك القرآن } قيل: أنزل عليك، وقيل: فرض عليك العمل بالقرآن، والآية نزلت في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذلك لأنه لما هاجر وبلغ الجحفة مقاربا مكة والمسجد الحرام بكى فبشره الله تعالى بهذه الآية إنه يرده إلى مكة ظاهرا على قومه { إلى معاد } قيل: معاد الرجل بلده لأنه ينصرف ثم يعود، وقيل: إلى الموت، وظاهره أنه يقتضي العود إلى مكة { قل } يا محمد { ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين } أي ظاهر { وما كنت ترجو أن يلقى اليك الكتاب إلا رحمة من ربك فلا تكونن ظهيرا للكافرين } أي عونا لهم { ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك } أي يصرفنك هؤلاء القوم عن القرآن ودين الله إنزاله عليك { وادع إلى ربك } إلى توحيده وعبادته { ولا تكونن من المشركين } { ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه } يعني وانه { له الحكم } قيل: الحكم يوم القيامة حيث لا حكم لأحد غيره، وقيل: القضاء النافذ في خلقه { وإليه ترجعون }.
[29 - سورة العنكبوت]
[29.1-6]
قوله تعالى: { الم } { أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون } الآية نزلت في عمار بن ياسر وكان يعذب في الله، وقيل: نزلت في أناس كانوا بمكة من المسلمين وكتب اليهم من في المدينة أنه لا يقبل منكم الإقرار بالشهادة حتى تهاجروا فخرجوا فردهم المشركون فنزلت هذه الآية فبعثوا بها اليهم فخرجوا فاتبعهم المشركون فقاتلوا فمنهم من قتل ومنهم من نجا، وقيل: نزلت في مهجع مولى عمرو كان أول من قتل من المسلمين يوم بدر فجزع أبوه وامرأته فنزلت الآية فقال (عليه السلام):
" سيد الشهداء مهجع "
وقيل نزلت في هشام بن المغيرة المخزومي ارتد عن الإسلام ولم يحتمل أذى المشركين بمكة، وقوله: { الم } اسم السورة، وقيل: إشارة إلى حروف القرآن، وقيل: هو ابتداء أسماء الله { أحسب الناس } أي ظنوا يعني الذين أصابهم محن الدنيا فجزعوا أن يتركوا بغير اختبار { أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون } أي لا يختبرون، يعني يعاملون معاملة المختبر، وقيل: معناه أن لا يمتحنوا بعد إظهار الإسلام كلا بل يمتحنوا ليظهر الصادق من الكاذب، وقيل: يفتنون في أموالهم وأنفسهم، وقيل: يصابون بشدائد الدنيا والأولى حمله عن الجميع { ولقد فتنا الذين من قبلهم } أي من قبل أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) { فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } بظهور المعلوم { أم حسب الذين يعملون السيئات } يعني الكبائر والمعاصي { أن يسبقونا } أي يفوتونا فوت السابق للغير ولا يقدر على أخذهم والانتقام منهم { ساء ما يحكمون } أي بئس حكما حكمهم { من كان يرجو لقاء الله } يعني من يطمع في ثواب الله، وقيل: من كان يعلم ويؤمن بلقاء الله { فإن أجل الله لآت } وهو الموعد للجزاء والبعث { وهو السميع } لأقوالكم { العليم } بضمائركم { ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه } وهو جهاد العدو وجهاد النفس، يعني لأنه يقع له الثواب والجنة والغنيمة في الدنيا والآخرة { إن الله لغني عن العالمين } يعني عن خلقه وأعمالهم.
[29.7-13]
قوله تعالى: { والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم } قيل: ذنوبهم بالتوبة، وقيل: الصغائر { ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون } يعني نجزيهم أحسن أعمالهم وهو الذي أمر الله تعالى في العبادات { ووصينا الإنسان بوالديه } الآية نزلت في سعد بن أبي وقاص آمن فقالت أمه بنت أبي سفيان: لا يظلني سقف ولا آكل ولا أشرب حتى تكفر بمحمد فأتى سعد إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسأله عن ذلك فقال:
Bog aan la aqoon