Tafsirka Cabdulqaadir Jeylaani
تفسير الجيلاني
Noocyada
وذلك لأنهم { يؤمنون بالله } أي: بوحدانيته { واليوم الآخر } بصدقه وحقيته { و } مع ذلك { يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات } المبرات المؤدية إلى إسقاط الإضافات وقطع التعليقات المستلزمة لرفع التعيينات الحاجبة عن شهود الذات { وأولئك } المتصفون منهم بهذه الصفات { من الصالحين } [آل عمران: 114] لسلوك طريق الحق، المستحقين للوصول إلى سواء التوحيد الذي هو السواد الأعظم، المشار إليه في الحديث النبوي، صلوات الله على قائله.
{ وما يفعلوا } هؤلاء الموصوفون منهم { من خير } طالبين فيه رضاء الله، راجين ثوابه حقا خائفين من عقابه { فلن يكفروه } أي: لن ينقصوا من أجره، بل يزادوا ويضاعفوا { والله } الهادي لجميع العباد { عليم بالمتقين } [آل عمران: 115] منهم، فيجازيهم على مقتضى علمه، وحسب لطفه وكرمه.
أدركنا بلطفك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
[3.116-117]
{ إن الذين كفروا } بالله في النشاة الأولى؛ عتوا واستكبارا مفتخرين بأموالهم وأولادهم متظاهرين بها { لن تغني } وتدفع { عنهم } في النشأة الأخرى { أموالهم ولا أولادهم من } غضب { الله شيئا } قليلا { وأولئك } المستكبرون، المفتخرون، هم { أصحاب النار } لا يخصلون، ولا يخرجون منها بل { هم فيها خالدون } [آل عمران: 116] مخلقدون، لا ترجى نجاتهم وتخفيف عذابهم أصلا، ولا ينفع لهم إنفاقهم وإحسانهم الذي صدر عنهم في دار الدنيا؛ لعدم مقارنته بالإيمان.
بل { مثل ما ينفقون } رياء وسمعة واشتهارا { في هذه الحياة الدنيا } لا لمثولة أخروية؛ لعدم اعتقادهم بالآخرة { كمثل ريح } عاصف { فيها صر } برد شديد { أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم } بالكفر والفسق والعصيان { فأهلكته } بالمرة، وصاروا آيسين، قانطين من نفعها، وشكوا من الله بما لا يليق بدنابه من نسبة الظلم والتعدي، تعالى عن ذلك { و } الحال أنه { ما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون } [آل عمران: 117] أي: ولكن هم يظلمون أنفسهم بكفرهم وفسقهم، ولم يتفطنوا له ونسبوه إلى الله، وما الله يريد ظلما للعباد.
[3.118-120]
{ يأيها الذين آمنوا } مقتضى إيمانكم أن { لا تتخذوا بطانة } صديقا وصاحب سر، تستودعون سرائركم عنده { من دونكم } أي: الكفار دون المؤمنين، واعلموا أنهم { لا يألونكم } لا يمنعون عنكم ولا يقصرون في شأنكم { خبالا } ضررا وفسادا، بل { ودوا } رجوا دائما { ما عنتم } أي: ضرركم وهلاككم، ومن غاية وداتدتهم { قد بدت } ظهرت { البغضآء } المكنونة في نفوسهم { من أفواههم } بلا قصد واختبار { و } لا شك أن { ما تخفي صدورهم } قصدا واختيارا { أكبر } مما تبدي أفواههم وألسنتهم هفوة واضطرارا { قد بينا } أوضحنا { لكم } أيها المؤمنون { الآيات } المتعلقة لأمور معاشكم ومعادكم { إن كنتم تعقلون } [آل عمران: 118] تفهمون مقصادها، وتتعظون بها، وتعملون بمقتضاها.
{ هآأنتم } أيها المؤمنون { أولاء } الخاطئون، المغفلون الذين { تحبونهم } محبة صادقة { ولا يحبونكم } إلا تلبيسا ونفاقا { و } أنتم { تؤمنون بالكتاب كله } أي: بجميع الكتب النازلة من عند الله على رسله، وهم لا يؤمنون بكتابكم الجامع لما في الكتب السالفة، { و } من غاية نفاقهم معكم { إذا لقوكم قالوا } تلبيسا وتقريرا: { آمنا } بدينكم وكتابكم ورسولكم { وإذا خلوا } مضوا عنكم { عضوا عليكم الأنامل من } غاية { الغيظ } وعدم القدرة على الانتقام والتشفي { قل } يا أكمل الرسل نيابة عنا، مخاطبا لهم على وجه التقريع والتوبيخ: { موتوا } أيها المنافقون { بغيظكم } المتزايد المترقى يوما فيوما، حسب ارتفاع قدر الإسلام وعلو شأنه، ولا تأمنوا عن مكر الله وانتقامه { إن الله عليم بذات الصدور } [آل عمران: 119] يعلم ما تخفون فيها منا لكفر والنفاق، ويجازي على مقتضى علمه، ولا يغرب عن علمه شيء.
ومن غاية حسدهم ونهاية بغضهم { إن تمسسكم } وتحيط بكم { حسنة } مسرة مفرحة لنفسوكم { تسؤهم } وتشق عليه من كمال عداوتم ونفاقهم { وإن تصبكم سيئة } مملة مؤلمة { يفرحوا بها } تشفيا وتفرجا، شامتين بها، سارين عليها { وإن تصبروا } على غيظهم وأذاهم { وتتقوا } وترجعوا إلى الله مفوضين أموركم إليه يحفظكم عن جميع ما يؤذيكم، بحيث { لا يضركم كيدهم } مكرهم وحيلتهم { شيئا } من الضرر { إن الله } المطلع لسرائرهم وضمائرهم { بما يعملون } من الحيل والمخايل { محيط } [آل عمران: 120] لا يشذ عن علمه شيء ولو خطرة وطرفة.
Bog aan la aqoon