Tafsirka Cabdulqaadir Jeylaani
تفسير الجيلاني
Noocyada
{ بلى } للحق سبيل معاتبة وانتقام معهم في حق كل واحد من عباده على أي دين كان وملة كانت إذا صدر عنهم التعدي إلا { من أوفى } منهم { بعهده } الذي عهد مع الله ومع عباده { واتقى } من غضب الله بعدم الفواء، فهو من المحبوبين عند الله { فإن الله يحب المتقين } [آل عمران: 76] ويرضى عنهم، يوفيهم أجورهم، ويزيدهم من فضله.
ثم قال سبحانه: { إن الذين يشترون } يستبدلون { بعهد الله } الذين عهدوا مع رسوله { وأيمانهم } المغلظة الصادرة منهم على وفائه، كقولهم: والله، ليؤمنن به ولينصرنه { ثمنا قليلا } من متاع الدنيا، مثل أخذ الرشاوى وإبقاء الرئاسة { أولئك } المستبدلون الخاسرون هم الذين { لا خلاق } لا نصيب ولا حظ { لهم في } النشأة { الآخرة } التي هي دار الوصول والقرار { ولا يكلمهم الله } تكليمه من استخلفه عن مقتضيات جميع أسمائه الحسنى وصفاته العليا { ولا ينظر إليهم يوم القيامة } بنظر الرحمة حتى ينعكس بروق أنواع الوحدة الذاتية المتلأئمة المشعشعة من عالم العماء التي هي السواد الأعظم المشار إليه في الحديث النبوي - صلوات الله على قائله - على مرائي قلوبهم { ولا يزكيهم } ولا يثني عليهم ولا يلتفت إليهم حين ثنائه.
والتفاته على خلص عباده المستصقلين مرايا قلوبهم عن صداء الالتفات إلى الغير مطلقا؛ لينعكس فيها أشعة التجليات الجمالية والجلالية اللطفية والقهرية، حتى تعتدلوا وتستقيموا على الصراط المستقيم الذي هو صراط توحيد الله { ولهم } في تلك الحالة { عذاب } طرد وخذلان { أليم } [آل عمران: 77] مؤلم لا إيلام أعظم منه؛ إذ حرمان الوصول إلى غاية ما يترتب على الوجود والحصول من أشد المؤلمات والمؤذيات.
نعوذ بالله من غضب الله، لا حول إلا بالله.
[3.78-80]
{ وإن منهم } لغاية بغضهم وعداوتهم مع النبي صلى الله عليه وسلم { لفريقا } جماعة وفئة من المحرفين الذين يحرفون اسمه ونعته في التوراة، يقصدون تشهير المحرف وترويجه على ضعفاء العوام، إضلالا لهم حيث { يلوون } يطلقون { ألسنتهم } بالمحرف إطلاقهم { بالكتاب لتحسبوه } أي: ليظن السامعون أنه { من الكتاب و } الحال أنه { ما هو من الكتاب } المنزل لا نصا ولا أخذا ولا تأويلا { و } مع ذلك يفترون { يقولون هو } المحرف منزل { من عند الله و } الحال أنه { ما هو من عند الله } بل من تسويلات نفوسهم الخبيثة، والباعث عليها أهويتهم الباطلة من حب الجاه والرئاسة { و } لترويج { يقولون } فيه ينسبون { على الله الكذب } افتراء { وهم } في ضمائرهم وبواطنهم { يعلمون } [آل عمران: 78] يقينا أنه فرية صدرت عنهم؛ مكابرة وعنادا.
ومع ادعائهم الإيمان والتوحيد والكتاب والرسل، وحصرهم الدين والشريعة على دينهم وشروعهم، لم يتفطنوا ولم يعلموا أن البشر و إن أرسل وأنزل وخصص بفضائل جليلة وخصائل جميلة، لكن لا ينسلخ عن لوازم البشرية مطلقا، حتى يتصف بالألوهية، بل لا يزال البعد عبدا والرب ربا.
غاية ما في الباب أن الأشخاص البشرية في التجريد عن لوازمها تتفاوت، فمن كان تجريده أكثر كان إلى الله أقرب، وإلى الفناء أميل، وإلى البقاء أشوق، وإلا فالسلوك لا ينقطع أبد الآبدين، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن الله عز وجل:
" ألا طال شوق الأبرار إلى لقائي "
ما للعباد ورب الأرباب، فعيسى - صلوات الرحمن عليه - وإن ارتفع قدره وعلت رتبته عند الله، وأظهر بنصر الله خوارق خلت عنها الأنبياء - عليهم السلام - لكن لا ينسلخ عن لوازم البشرية مطلقا، وهم يدعون انسلاخه ويعبدونه كعبادته سبحانه وتعالى، وينسبونه إلى الله بالنبوة - والعياذ بالله - وما قدروا الله حق قدره.
Bog aan la aqoon