Tafsirka Cabdulqaadir Jeylaani
تفسير الجيلاني
Noocyada
{ إلا الذين عاهدتم } معهم { عند المسجد الحرام } فإنهم وإن كانوا أيضا من المشركين المصرين، إلا أن حرمة المسجد الحرام توجب إيفاء عهودهم ما داموا موقنين بها { فما استقاموا } واستحفظوا { لكم } عهدكم { فاستقيموا لهم } بل أنتم أولي لرعاية حرمة المسجد الحرام { إن الله } المصلح لأحوال عباده { يحب المتقين } [التوبة: 7] الذي يحفظون نفوسهم عن سوء الأدب مع الله في جميع أحوالهم، سيما رعاية حرمة بيته الحرام.
[9.8-10]
{ كيف } يكون للمشركين معكم عهد أيها المؤمنون؟ وكيف تعتمدون على ميثاقهم { و } هم من غاية بغضهم وشدة شكيمتهم { إن يظهروا } ويظفروا { عليكم لا يرقبوا فيكم } أي: لا يحافظوا ولا يراعوا في حقكم { إلا } أي: عهدا وميثاقا { ولا ذمة } حقا لازما يلتزمون رعايتها؛ كالحقوق التي جرت بين المتعاهدين، بل حالهم أنهم { يرضونكم } ويعاهدون معكم { بأفواههم } خداعا ومداهنة { وتأبى قلوبهم } عما صدرت على ألسنتهم من المعاهدة، بل { وأكثرهم فاسقون } [التوبة: 8] خارجون متمردون عن العهد مطلقا، لا يتفوهون به أصلا، فكيف أن يعهدوا؟!.
ومن غاية فسهم وتمردهم، ونهاية توغلهم في الضلال { اشتروا } واستبدلوا { بآيات الله } المنزلة على رسوله، الدالة على توحيده مع وضوحها وسطوعها { ثمنا قليلا } أي: بدلا حقيرا، متبذلا مرذولا، وهو اتباع الأهوية الباطلة والآراء الفاسدة التي ابتدعها المبتدعون بتسويلات شياطينهم { فصدوا } أي: أعرضوا وانصرفوا نفوسهم وأتباعهم؛ بسبب تلك الآراء { عن سبيله } أي: عن دين الله الموصل إلى توحيده { إنهم } من غاية ضلالهم وإضلالهم { سآء ما كانوا يعملون } [التوبة: 9] هذا العمل.
ومن سوء عملهم أيضا وقبح صنيعهم أنهم من غاية بغضهم مع المؤمنين { لا يرقبون } ولا يراعون { في } حق { مؤمن } أي: واحد من أهل الإيمان وإن بالغ في ودادهم وإخائهم، ومحافظة عهودهم وذممهم { إلا ولا ذمة } أصلا؛ لشدة شكيمتهم وقوة بغضهم وضغينتهم { و } بالجمة: { أولئك } الأشقياء المردودون المطرودون { هم المعتدون } [التوبة: 10] المقصرون على التجاوز عن حدود الله ومقتضى المروءة اللازمة للمرتبة الإنسانية؛ لخبث طينتهم ورداءة فطرتهم.
[9.11-13]
{ فإن تابوا } ورجعوا إلى الإيمان بعدما بالغوا في العناد والاستكبار { و } بعد رجوعهم { أقاموا الصلوة } المصفية لبواطنهم عن الميل إلى غير الحق { وءاتوا الزكوة } المطهرة لظواهرهم عما يشغلهم عن الحق { فإخونكم في الدين } أنتم وهم سواء في سلوك طريق الحق والرجوع إليه { و } إنما { نفصل } ونوضح { الأيت } الدالة على توحيدنا { لقوم يعلمون } [التوبة: 11] ويصلون إلى مرتبة اليقين العلمي، ويريدون الترقي منها إلى اليقين العيني والحقي.
{ وإن نكثوا } ونقضوا { أيمانهم } ونبذوا عهودهم { من بعد عهدهم } وراء ظهورهم { و } مع ذلك { طعنوا في دينكم } بتصريح التكذيب والتقبيح في الأحكامن والمعتقدات، والطاعات والعبادات { فقاتلوا } أيها الغزاة المرابطون قلوبكم مع الله ورسوله { أئمة الكفر } أي: صناديدهم ورؤساءهم؛ لأنهم ضالون مضلون، وإن تفوهوا بالعهد والميثاق لا تبالوا بهم وبعهودهم { إنهم لا أيمان لهم } أصلا؛ لتخمير طينتهم على الشرك والشقاق { لعلهم ينتهون } [التوبة: 12] وينتبهون؛ أي: سفلتهم الضالون عما عليه رؤساؤهم المضلون بعد انقراضهم.
ثم قال سبحانه تحريضا للمؤمنين على القتال على وجه المبالغة: { ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم و } بعد نقضهم الأيمان والعهود { هموا } أي: قصدوا واهتموا { بإخراج الرسول } من مكة { و } الحال أنه { هم } قوم { بدءوكم } بالمعاداة والمخاصمة { أول مرة } في بدء الإسلام حين تحدوا مع رسول الله بالمعارضة فأفحموا، والتجأوا إلى المقارعة والمشاجرة { أتخشونهم } منهم أيها المؤمنون في مقاتلتهم أن يحلقكم مكروه من جانبهم أم تداهنون معهم وتضعفون عنهم؟! وإن خشيتم عن لحقوق المكروه وعروض المنكر { فالله أحق أن تخشوه } لأنه قادر على وجوه الانتقامات، فعليكم أن تخشوا من الله ومخالفة أمره وحكمه { إن كنتم مؤمنين } [التوبة: 13] بالله وبأوامره ونواهيه.
[9.14-16]
Bog aan la aqoon