211

فقال أبو جهل: أنا أرى أن تأخذوا من كل بطن غلاما وتعطوه سيفا، فيضربون دفعة واحدة فيتفرق دمه في القبائل، فلا يقوى بنو هاشم على حروب قريش كلهم، فإن طلبوا العقل عقلناه، فقال الشي: صدق هذا التفى، واتفقوا على رأيه.

فأتى جبريل النبي - عليهما السلام - وأخبره الخبر وأمره بالهجرة فبيت صلى الله عليه وسلم عليا - كرم الله وجهه - على مضجعه متسجيا ببرده، وخرج صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر رضي الله عنه ومضيا إلى الغار وبات المشركون يحرسون عليا - كرم الله وجهه - يحسبون النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أصبحوا ساروا ليقتلوه قرأوا عليا، فقالوا: أين صاحبكم؟ فقال: ما أدري فاتبعوا أثره، فلما بلغوا الغار رأوا نسج العنكبوت على بابه، فقالوا: لو دخله ليم يبق لنسج العنكبوت أثر، فمكث فيه صلى الله عليه وسلم ثلاثة ثم خرج نحو المدينة.

[8.31-33]

{ و } من مكرنا أياهم أنا ختمنا على قلوبهم وسمعهم بختم القساوة والغفلة بحيث { إذا تتلى عليهم آياتنا } مع أنهم عارضوا زمانا، ثم عجزوا مع وفوره دواعيهم، فلما عجزوا عن إتيان مثله { قالوا } مكابرة وعنادا: { قد سمعنا لو نشآء لقلنا مثل هذا إن هذآ إلا أساطير الأولين } [الأنفال: 31] أي: أكاذيبهم التي سطروها في دواوينهم، لتعزيز السفهاء.

{ و } اذكر يا أكمل الرسل وقت { إذ قالوا } من غاية عتوهم وفرط انهماكهم في الغفلة والضلال، وأصرارهم على تكذيب القرآن والرسول: { اللهم إن كان هذا } المفترى { هو الحق } الثابت النازل { من عندك فأمطر علينا } بسبب تكذيبنا إياه { حجارة من } جانب { السمآء } واستأصلنا بها { أو ائتنا بعذاب أليم } [الأنفال: 32] مؤلم مفزع، وما هذا إلا مبالغة في تكذيب القرآن والرسول على سبيل التهكم.

{ وما كان الله ليعذبهم } وإن استحقوا أشد العذاب والنكال والهلاك الكلي؛ بسبب تكذيبك وتكذيب كتابك { وأنت فيهم } يعني: ما دامت فيهم وفي ديارهم ومكانهم، فإن عذبهم الله فقد أصابك مما أصابهم { و } إن أمكن تخليصك وإنقاذك حين تعذيبهم { ما كان الله معذبهم } وما أراد تعذيبهم واستئصالهم { وهم يستغفرون } [الأنفال: 33] أي: يتوقع منهم، من أخلافهم الإيمان والاستغفار في الاستقبال بخلاف الأمم الهالكة من قبلأ.

[8.34-35]

{ وما لهم ألا يعذبهم الله } أي: أي شيء يمنع تعذيب الله إياهم مع أنهم مستحقون للعذاب؟ وكيف لا يعذبون هؤلاء المستكبرون المعاندون { وهم } من شدة عتوهم وعنادهم { يصدون } ويصرفون المؤمنين { عن المسجد الحرام } والطواف نحو البيت مدعين ولايته؟! { و } الحال أنهم { ما كانوا أوليآءه } أي: ليس لهم صلاحية الولاية في بيت الله؛ لخباثة كفرهم وفسقهم، وعدم لياقتهم { إن أوليآؤه إلا المتقون } الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش، ويتطهرون عن المعاصي والآثام مطلقا { ولكن أكثرهم لا يعلمون } [الأنفال: 34] عدم ولايتهم ولياقتهم لها، ومع ذلك يدعونها مكابرة واستكبارا وإن كان بعضهم يعلم ولكن يعاند.

{ و } بعدما لم يصلحوا لولاية البيت { ما كان صلاتهم } ودعاؤهم { عند البيت } المعد للتوجه والتقرب نحو الحق على وجه الخضوع والانكسار، والتذلل والافتقار { إلا مكآء } صفيرا وصداء { وتصدية } تصفيقا وتبخترا، مع أنهم يدعون ولايته ورعاية حرمته، وما ذكل إلا من أمارات الاستهانة والاستخفاف المسلتزم للكفر { فذوقوا العذاب } أيها المنهمكون في الضلال { بما كنتم تكفرون } [الأنفال: 35] في النشاة الأولى والأخرى.

[8.36-37]

Bog aan la aqoon