Tafsirka Cabdulqaadir Jeylaani
تفسير الجيلاني
Noocyada
ثم قال سبحانه: { ويستفتونك في } ميراث { النسآء } هل يرثن أم لا؟ { قل } في جوابهم يا أكمل الرسل: { الله يفتيكم } ويبين لكم { فيهن } ميراثهن { و } هن { ما يتلى عليكم في الكتب } أي: القرآن { في } حق { يتمى النسآء التي لا تؤتونهن ما كتب لهن } وتحرمونهن عن حقوقهن ظلما { و } مع ذلك { ترغبون أن تنكحوهن } أو تعضلوهن كرها { و } أيضا في حق { المستضعفين من الولدن } إذ هم كانوا لا يورثونهم كما لا يورثون النسوان { و } عليكم { أن تقوموا لليتمى بالقسط } وةالعدلا بلا جيف لهم في مالهم وعرضهم { وما تفعلوا من خير فإن الله } الرقيب عليكم { كان به عليما } [النساء: 127] فيجازيكم على مقتضى علمه إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
{ وإن } اضطرت { امرأة } إلى الفرقة والسراح بأن { خافت من بعلها } سوء عشرته معها، وعدم رعاية حقوقها { نشوزا } عنها وميلا إلى غيرها { أو إعراضا } طلاقا وسراحا { فلا جناح } أي: لا ضيق، ولا تعب { عليهمآ } أي: على الزوجين { أن يصلحا بينهما } بأن أسقط كل منهما عما استحق له شيئا، أو زاد إلى أن يتصالحا { صلحا } ناشئا عن التراضي من الجانبين { والصلح } بينهما { خير } من الفرقة والطلاق { و } لكن فلما يقع إذا { أحضرت الأنفس } الأمارة بالسوء من الجانبين { الشح } أي: قد صارت الأنفس حينئذ مطبوعة مرغوبة على إحضار الشح والبخل فيما وجب عليها، فلا يسمح كل منهما من حقه شيئا، لذلك لم يرتفع النزاع والخصومة { وإن تحسنوا } أيها المؤمنون في المعاشرة مع الأزواج { وتتقوا } من غضب الله في الخروج عن مقتضى حدوده { فإن الله } المجازي لعباده { كان بما تعملون } من الميل إلى المحارم والإعراض عن حدود الله والمخالفة لأمره { خبيرا } [النساء: 128] يجازيكم على مقتضى خبرته.
[4.129-131]
{ و } إن كنتم ذوي أزواج فوق واحدة { لن تستطيعوا أن تعدلوا } وتعاشروا بالقسط إلى ألا يقع التفاوت والتفاضل { بين النسآء } أصلا { ولو حرصتم } بالغتم في رعاية العدل؛ إذ الميل الطبيعي يأبى عن إقامة العدل، لذلك قيل: لا وجود للاعتدال الحقيقي سيما في أمثاله { فلا تميلوا } أي: فعليكم ألا تميلوا، وتجانبوا عما تميلوا عنه { كل الميل فتذروها } إلى حيث تتركوها { كالمعلقة } لا أيما ولا ذات بعل { وإن تصلحوا } بعدما أفسدتم { وتتقوا } عن غضب الله في إضاعة حقها { فإن الله } المطلع لجميع ما صدر ويصدر عنكم { كان غفورا } لكم بعد ما تبتم ورجعتم عما صدر عنكم { رحيما } [النساء: 129] لكم يقبل توبتكم إن أخلصتم فيها.
{ وإن } يتنازعون حتى { يتفرقا } وارتفع النكاح بينهما { يغن الله } بفضله { كلا } منهما عن الآخر { من سعته } أي: من سعة رحمته وبسطة رزقه وفسحة مملكته { وكان الله } المتفضل لعباده { واسعا } لهم في عطائه { حكيما } [النساء: 130] في إعطاء ما ينبغي.
{ و } كيف لا يكون واسع العطاء؛ إذ { لله } المنعك المفضل جميع { ما في السموت وما في الأرض } وما بينهما ملكا وخلقا، وتدبيرا وتصرفا، وأيجادا وإعداما، وإبقاء وإفناء، وإذا كان الأمر على هذا فعليكم أن تتقوا من الله في السراء والضراء والخصب الرخاء { و } اعلموا أنا { لقد وصينا } من قمام فضلنا وجودنا { الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } أي: اليهود والنصارى، وجميع من أنزل إليهم الكتاب في كتبهم { وإياكم } أيضا في كتابكم هذا { أن اتقوا الله } المالك لأزمة الأمور بالاستحقاق، وأطيعوا أمره وتوجهوا نحوه، ولا تكفروا به { وإن تكفروا } وتعرضوا عن غاية جهلكم وعنادكم عما فرض عليكم أصلا إصلاحا لحالكم، فاعلموا أن الله الغني بذاته لا يبالي بكفركم وإيمانكم { فإن لله } رجوع { ما في السموت وما في الأرض } إرادة وطوعا { و } مع ذلك { كان الله غنيا } مستغنيا في ذاته وصفاته عن العالمين، وعن كفرهم وإيمانهم { حميدا } [النساء: 131] في نفسه حمد أو لم يحمد، وكيف لا يكون سبحانه غنيا في ذاته حميدا في نفسه؛ إذ ليس في الوجود غيره ولا شيء سواه ليحمده؟!.
[4.132-134]
بل { ولله } المنزه المستغني عن الأكوان الباطلة مطلقا { ما } ظهر { في السموت } أي: الأسماء والصفات المترتبة على تجليات الذات وتشعشعاتها { وما } انعكس منها { في الأرض } أي: الطبيعة العدم التي هي بمنزلة المرآة المقابلة لها { و } بالجملة: { كفى بالله } أي: كفى الله المتجلي لذاته بذاته في ملابس أسمائه وصفاته { وكيلا } [النساء: 132] مظاهر ظلاله وعكوسه، وليس نسبتم على الله أيها المنهمكون في بحر الغفلة، المحجوبون بحجاب التعينات العدمية لا بالمظهر الظلية.
{ إن يشأ يذهبكم أيها الناس } أي: الأضلال المحجوبون عن شمس الذات، الناسون في ظلمة العدم نور الوجود { ويأت } بدلكم { بآخرين } أي: بأظلال أخر تتذكروا لها، وتتوجهوا نحوها، وما ذلك على الله بعزيز { وكان الله } في ذاته { على ذلك } الإذهاب والتبديل { قديرا } [النساء: 133] لا يفتر قدرته أصلا، بل على هذا جريان سنته دائما؛ إذ هو كل يوم وآن في شأن، مع أن المحجوب لم ينتبه ولم يتفطن، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور.
نور قلوبنا بمعرفتك، وأبصارنا بمشاهدتك، وأرواحنا بمعاينتك، إنك على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير.
Bog aan la aqoon