عنه ، فإذا لم ينفعل عنه لم يحس بالألم. فكثير من الناس يضربون وتكون نفوسهم مشغولة بشيء فلا يحسون بالألم.
قوله : «النفس ذاتها لها» أى هى مجردة ، وقوامها بذاتها ، والعقول ذواتها لها فهى معقولة لذواتها. والمعقولات التي تجرد عن المواد ليست لها ذوات فهى معقولة لا لذواتها بل قوامها بغيرها.
إن عرفنا الأشياء بأسبابها ولوازمها عرفنا حقائقها ولوازمها. لكنا لا نعرفها بأسبابها ، بل من حيث هى موجودة محسوسة لنا ، كما إذا أدركنا شيئا جزئيا فإنا ندركه حسا والإحساس بالحقيقة هو أن ندرك شيئا حادثا لم ندركه قبله ، وهو إدراك بعد أن لم ندرك ، والإحساس بالاعتبار إلى الإله من حيث إنه زال شيء وحصل شيء آخر هو انفعال ، وبالاعتبار إلى القوة المدركة ليس بانفعال ، فلهذا لا يصح أن ينفعل المدرك من حيث هو مدرك فإن المنفعل يجب أن يكون آلة ، والمدرك لا يجب أن تتغير ذاته من حيث هو يدرك وإن تغيرت أحواله وأحوال آلته. وليس فى العقل انفعال ، ولا قوة انفعالية ، وفى عقولنا انفعال من جهة مادتها ، ولو لا هذه القوة البدنية فينا لم يكن لنا سبيل إلى إدراك شيء. والفرق بين الانفعال والاستكمال أن الانفعال يعتبر فيه زوال شيء مع حدوث شيء. والاستكمال يعتبر فيه حدوث شيء فى شيء لم يكن فيه ضده فزال عنه وحدث هو فيه ، بل هو كاللوح إذا كتب فيه شيء.
الخير ما يتشوقه كل شيء فى حده ، ويتم به وجوده ، أى فى رتبته وطبقته من الوجود كالإنسان مثلا والفلك مثلا فإن كل واحد منهما يتشوق من الخير ما ينبغى له وما ينتهى إليه حده ثم سائر الأشياء على ذلك.
معنى قوله «ذاته له» أى لم توجد لغيره ، ولا أن يمتلكه غيره وأن يكون آلة لغيره أو صفة له أو عرضا يعرض له كما نقول : إن القوى وجودها للنفس أى آلة لها.
الواجب الوجود يجب أن يكون لذاته مفيدا لكل وجود ولكل كمال وجود لا لشيء آخر أو سبب ، فإن ذلك يوجب له نقصا.
الشيء الذي يعقل بتجريد المادة لا يكون معقولا لذاته.
المانع للشيء أن يكون معقولا هو المادة وعلائقها؛ لأن الشيء إذا لم يكن متحققا يخلص وجوده منفردا به كان مقترنا به شيء غريب فلأجل أن هناك قابلا لذلك الغريب ويكون ذلك الهيولى لم يكن معقولا إذا لم يكن متجردا. فالبريء عن الهيولى وعلائقها معقول لذاته :
Bogga 77