المشار إليه ، فلا يجب البتة أن يقايس بين هذا الشخص الموجود المشار إليه وبين معقوله بل يجب أن يكون معقوله كليا يصح حمله عليه وعلى سائر أشخاص نوعه. وأما معقولنا فقد يكون على هذا الوجه ما لم يقس إلى هذا الشخص الموجود حتى نقول : إن هذا المعقول هو هذا الموجود (21 ب) فإذا قسناه إليه على أنه هو بعينه يكون محسوسا لا معقولا فإن المعقول من الشيء هو أن نعرف الشىء بأسبابه وعلله وصفاته؛ على أن تلك الصفات يجوز حملها على هذا الشخص بعينه وعلى سائر أشخاص النوع. فإن قيست إلى هذا الشخص بعينه لا على أنها هو بعينه ، بل على أنها يصح مقايستها إلى أى شخص كان من أشخاص نوعه. ومعقولنا أولا يكون من وجود الشىء ومن ادراك حسنا له أولا ، وبهذا الوجه يكون جزئيا وفاسدا ومبعثرا إذا قسناه إليه ثم نعقل منه صفاته وأسبابه فيصير المعقول كليا لا يتغير ، ويكون حينئذ متناولا لأى شخص كان من أشخاص النوع ، والمثال فى معقولنا هو أنا نعقل أنه كلما اتصلت ثلاثة خطوط على استقامة بعضها ببعض حصل مثلث تكون زواياه الثلاث مساوية لقائمتين. وهذا الحكم يكون كليا غير متغير يصح حمله على كل مثلث ، أو أنه كلما اجتمع القمر والشمس ولم يكن للقمر عرض كان كسوف ، وكل ذلك يكون لنا من قياس ونظر وبأن نحكم فنقول : كلما كان كذا كان كذا ويكون فى علمنا تكرار وانتقال من معقول إلى معقول. ومعقول الأول لا يصح فيه التكرار والانتقال من معقول إلى معقول ، ولا استفادة معقولية الشىء من وجوده بل يكون بسيطا يعقل من ذاته فيكون بعقله له على ما عليه وجوده على ترتيب السببى والمسببى وعلمه ، فعلى لأنه من ذاته ، لا انفعالى ، فلا يتغير ، وعلمنا انفعالى مستفاد من خارج فيتغير بتغير المنفعل عنه. ولو كان فينا علم فعلى كان بسيطا ولم يكن بقياس ونظر ، وكان مثاله أن نقول مثلا : فلان يخرج إلى الموضع الفلانى ويلقاه فلان ويجرى بينهما البتة كذا فإن هذا حكم بسيط ليس فيه تعلق بشريطة. ومثال العلم الانفعالى أن تستفيد علم شيء من خارج ، أو يقال لك : إن فلانا خرج إلى الموضع الفلانى ولقيه فلان وجرى بينهما كذا ، فيكون بالضد من الأول.
** علم الأول
وجودها. فهو يعلم الأشياء التي لم توجد بعد على أنها لم توجد بعد ويعرف أوقاتها وأزمنتها. وإذا وجدت تلك الأشياء لم يتجدد علمه بها فيستفيد من وجودها علما مستأنفا ، وهو يعرف كل شخص على وجه كلى معرفة بسيطة ويعرف وقته الذي يحدث فيه على الوجه الكلى. فإنه يعرف أشخاص الزمان كما يعرف أشخاص كل شىء على الوجه الكلى ، وكما يعرف هذا الكسوف على الوجه الكلى ، ويعرف المدة التي تكون
Bogga 66