سرعان ما استعادت عافيتها، حتى إن ابن بطوطة قال عنها حين زارها سنة (٧٢٦ هـ): "وهي مدينة عظيمة، لها سوق لا نظير لحسنه، وفيها مسجد وجامع ومارَسْتان، وبها مدرسة تُعرف بمدرسة أبي عمر (١)، موقوفة على من أراد أن يتعلَّم القرآن الكريم من الشيوخ والكهول، وتجري لهم ولمن يعلمهم كفايتهم من المآكل والملابس" (٢).
وقد بدأ اتصال الصالحية بدمشق في النصف الأول من القرن الرابع عشر الهجري حتى غدت الآن حيًّا كبيرًا من أحيائها (٣).
٣ - أسرتُهُ
هو محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قُدامة.
لم يهاجر جدُّه يوسف مع أخيه أحمدَ يوم هاجر إلى دمشق، بل إن ابنيه: عبد الملك وعبد الهادي ظلا يترددان بين جَمَّاعيل والصَّالحية سنين طويلة (٤)، حتى عزم عبد الهادي أمره أخيرًا، وقَدِمَ دمشق مهاجرًا مع ابنيه محمد (٥) وعبد الحميد (٦) نحو سنة (٥٨٢ هـ)، أي بعد هجرة عَمِّه أحمد
_________
(١) في الأصل: ابن عمر، وهو وهم لم يشر المحقق إليه.
(٢) انظر "رحلة ابن بطوطة": ١/ ١١٤ - ١١٥.
(٣) "دمشق في مطلع القرن العشرين": ٢٠ - ٢١.
(٤) "القلائد الجوهرية": ١/ ٣٣.
(٥) قدم دمشق شابًّا، ولم يستوطنها، كان يؤم بقرية الساوية من جبل نابلس. وقتل ثمة بيد التتار سنة (٦٥٨ هـ). انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء": ٢٣/ ٣٤٢ - ٣٤٣.
(٦) قدم دمشق صبيًّا، وكان قد ولد بجماعيل حوالي سنة (٥٧٣ هـ). انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء": ٢٣/ ٣٣٩ - ٣٤٠.
1 / 18