160

Surah Al-Qasas: An Analytical Study

سورة القصص دراسة تحليلية

Noocyada

وهذا هو عين ما قرره علماء السلوك التربوي إذ قالوا: إن من اغتر بعلمه جهل نفسه وعلمه، وكان القرآن الكريم قد سبقهم إلى ذلك في هذه الحقيقة التي لا زالت عندهم هنالك في الغرب نظرية لم تحقق، وهذا بعض أوجه الإعجاز التربوي القرآني.
ونجد أن قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلاَ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ «١»، يدل في مفهومه العام على أن الإنسان مهما كان في ماضيه، وحاضره، ومستقبله لا يمكن له أن يتنبأ بما يؤول إليه أمره في العلم والمعرفة، لأن ذلك من الأمور المقدرة المسلمة بيد الله ﷾، وهذه الحقيقة كررها في العصر الحديث علماء التربية إذ ذهبوا إلى أن الإنسان مهما بلغ ذكاؤه لا يمكنه أن يعلم ما سيكون عليه مستواه العلمي والتعليمي، ولكنهم لكفرهم لم ينسبوا ذلك كله إلى الله ﷾، أما القرآن الكريم كلام الله ﷻ، فقد أسند هذه الحقيقة لله ﷾ ليسبق هؤلاء العلماء في هذه الحقيقة التربوية.
وبذلك يمكن لنا أن نقول: إن سورة القصص الكريمة قد احتوت فيما احتوته على كافة المبادئ التربوية والإرشادية والسلوكية التي لم يتوصل إليها علماء النفس من التربويين إلا في أخريات العصر الحديث، وهذا مما توصلت إليه بحمد الله وشكره.

(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨٦.

1 / 160