بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار» (١) ومعلومة خطبة رسول الله ﷺ في حجة الوداع وفيها «ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع» اتفقا عليه في الصحيحين (٢)، فالمبلغون هم الذين جعلهم الله أركان هذه الشريعة، النقية الزاهرة والحجة الباهرة، وهدم بهم كل بدعة شنيعة، لولاهم لكانت ظاهرة، وكل فئة تتحيز إلى هوى ترجع إليه، فهي تتحيز رأيا تعكف عليه، سوى أصحاب الحديث فإن الكتاب هديهم، والسنة حجتهم، والنبي ﷺ فيؤهم وإليه نسبتهم، فهم الجمهور العظيم، وسبيلهم الصراط المستقيم، وهم الذين لا يزالون على الحق ظاهرين، ولمن عاداهم وناوأهم قاهرين، قال رسول الله ﷺ: «لا تزال طائفة من أمتي إلى الحق، ظاهرين إلى يوم القيامة».
قال الإمام البخاري ﵀: يعني أهل الحديث (٣) وكلام الأئمة كثير في الترغيب في نقل ما ثبت عن رسول الله ﷺ، وفي التحذير من الكذب عليه، فإن الكذب عليه مهلكة قال ﷺ: «من كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار» إذا فالإسناد من أهم ما يعتني به طالب العلم، وهو من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، ومثل الذي يطلب أمر دينه بلا إسناد كمثل الذي يرتقي السطح بلا سلم، ومن أراد الذب عن سنة رسول الله فسلاحه الإسناد، وطلب الإسناد العالي سنة صحيحة (٤)، روى أنس ﵁ حديث الأعرابي " يا محمد أتانا رسولك فزعم " (٥) فقد طلب الأعرابي العلو وتجاوز الشخص الذي أخبره إلى رسول الله ﷺ وسأله، وقد ناله من مشقة السفر إلى رسول الله ﷺ ما ناله، قال العراقي: ولو كان طلب العلو في الإسناد غير مستحب لأنكر عليه سؤاله عما أخبر به رسوله، لأمره بالاقتصار على ما أخبره الرسول عنه (٦)، ومن هنا نشيد
_________
(١) أخرجه البخاري حديث (٣٤٦١).
(٢) انظر صدر الحديث وباقيه في الصحيح (٢/ ١٩١، ١/ ٢٤، ٧/ ١٨٥، ٨/ ٩١) وفي صحيح مسلم (٣/ ١٣٠٧) وكلها من طريق ابن سيرين ..
(٣) حديث (٧٣١١) قال الحافظ ابن حجر: قوله: وهم أهل العلم، هو من كلام المصنف - يعني البخاري - وأخرج الترمذي حديث الباب ثم قال: سمعت محمد بن إسماعيل - البخاري - يقول: سمعت علي بن المديني يقول: هم أصحاب الحديث (فتح الباري ١٧/ ١٢٤) وانظر: سنن الترمذي حديث (٢١٩٢).
(٤) انظر (فتح الباقي والتبصرة ٢/ ٢٥١ - ٢٥٢).
(٥) هو حديث نضلة بن عمرو الغفاري أخرجه بهذا اللفظ مسلم حديث (١٠ - ١٢) وعند البخاري " إني سائلك فمشدد عليك " حديث (٦٣).
(٦) التبصرة ٢/ ٢٥٢ ..
1 / 11