عندما يكون الإنسان متألما يركز اهتمامه في إزالة أسباب الألم، مجتمعنا متألم جدا فيجب أن نزيل الألم قبل كل شيء، ولنا بعد ذلك أن نلهو ونتفلسف! ولكن تصور إنسانا يتفلسف لاهيا وبه جرح ينزف لا يعيره أدنى التفات، ماذا تقول عن مثل هذا الإنسان؟!
أهذا خاله حقا؟ لكن فليقر بأن كلامها يلقى تجاوبا كاملا مع نفسه، وبأن عينيها جميلتان، وبأنها رغم غرابتها و«جديتها» جذابة .. جذابة .. - الواقع أن خالي لا يعير هذه الأمور التفاتا جديا. لقد حدثته كثيرا عنها فوجدته إنسانا يدرس النازية كما يدرس الديمقراطية أو الشيوعية، ولكنه لا هو بارد ولا هو حار، ولم أستطع أن أتبين موقفه ..
فقالت باسمة: لا موقف له، إن موقف الكاتب لا يمكن أن يخفى، إنه مثل من المثقفين البورجوازيين يقرأ ويستمتع ويتساءل، وقد تجده في حيرة أمام «المطلق»، وربما بلغت به الحيرة حد الألم، ولكنه يمر سادرا بالمتألمين الحقيقيين في طريقه ..
فقال ضاحكا: ليس خالي كذلك. - أنت أدرى، كذلك قصص رياض قلدس ليست بالقصص المنشودة، إنها واقعية وصفية تحليلية، ولا تتقدم عن ذلك خطوة، لا توجيه فيها ولا تبشير!
ففكر أحمد قليلا ثم قال: ولكنه كثيرا ما يصف حال الكادحين من العمال والفلاحين. ومعنى هذا أنه يهب مسرح البطولة في أقاصيصه للطبقة الكادحة! - ولكنه يقتصر على الوصف والتحليل، إنه لعمل سلبي بالنسبة للمعركة الحقيقية!
يا لها من فتاة تروم العراك! شديدة الجد فيما يبدو، ولكن أين المرأة؟! - وكيف تريدينه أن يكتب؟ - أقرأت شيئا من الأدب السوفييتي الحديث، بل أقرأت مكسيم جوركي؟
فصمت باسما. لا داعي للخجل، كان طالب اجتماع لا طالب أدب، ثم إنها تكبره بسنوات، ترى ما عمرها؟ ربما كانت في الرابعة والعشرين أو أكثر! وعادت تقول: هذا ما ينبغي أن تقرأ من ألوان الأدب، سأعيرك بعضه إذا شئت .. - بكل سرور ..
فابتسمت قائلة: ولكن الإنسان «الحر» لا يكفي أن يكون قارئا أو كاتبا! إن المبادئ تتعلق بالإرادة قبل كل شيء. الإرادة أولا وقبل كل شيء.
مع ذلك رآها أنيقة، أجل ليس في وجهها زواق، ولكن عنايتها بمظهرها وأناقتها ليست دون غيرها من بنات جنسها، هذا الصدر الحي مؤثر كغيره من الصدور الفاتنة، ولكن مهلا هل يختلف هو عن غيره من الرجال بما يعتنق من مبدأ؟ طبقتنا غريبة تأبى أن تنظر إلى المرأة إلا من زاوية خاصة! - إني مسرور بمعرفتك وأرى أنه أمامنا أكثر من مجال لنعمل معا كيد واحدة ..
فقالت باسمة - وكانت عند الابتسام تبدو أنثى قبل كل شيء: هذا إطراء! - إني مسرور بمعرفتك حقا ..
Bog aan la aqoon