المبحث الأول مفهوم الصحبة في اللغة والعرف والاصطلاح
أولا: مفهوم الصحبة في اللغة
الأصل أن الصحبة لغة تعني الملازمة والمخالطة والمعاشرة، ولكن قد تطلق الصحبة من حيث اللغة مجازا على من لم يلازم، بل إنها تطلق على العدو والمقاتل والشاتم والمخالف في الديانة ونحو ذلك، وكل هذا جائز لغويا، إما على سبيل المجاز أو للتشابه في صفة ما أو للاشتراك في شيء ما.
مفهوم الصحبة في اللغة على مستويات كثيرة أوسعها مجرد الاشتراك في صفة ما أو حالة ما أو ما يطلق عليه في التعبير الرياضي (مجال العلاقة) ولو كانت العلاقة عداوة أو خصومة ولا ريب أن ألصق معاني الصحبة من حيث اللغة هي الملازمة والمخالطة.
إذن فالأصل في اللغة أنه عندما تقول إن فلانا صاحب فلانا؛ يعنى أنه لازمه، أو خالطه، أو عاشره، أو ماشاه أو نحو هذا، ولو كان قدرا قليلا من الصحبة، بخلاف العرف كما سيأتي، إذ العرف لا يطلق الصحبة إلا على طول الملازمة، بحيث يصح أن يقال فلان صاحب لفلان، فالعرف أخص من اللغة، ولا يدخل فيه المجاز.
فاللغة تجيز اشتقاق (صاحب) من (صحب) ولو كانت الصحبة قليلة، كما تجيز أيضا إطلاق (صاحب) على من لم يصاحب مجازا، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم لبعض لزوجاته: (أنتن صواحب يوسف.
ويجوز لغة إطلاق الصاحب على من لا يتفق اعتقادا، (أو ملة) مع المصحوب، ومن ذلك قوله تعالى:{ { وما صاحبكم بمجنون}، فالخطاب هنا موجه للكفار، وقد جعل الله النبي صلى الله عليه وآله وسلم صاحبهم، بالمعنى اللغوي المجازي فقط.
ويجوز لغة إطلاق صحبة الحي للميت كقوله تعالى:{أنجيناه وأصحاب السفينة}، كذلك قوله تعالى: {وأصحاب الرس} } ،{أصحاب الأيكة}... كل هذا تحتمله اللغة ولا يحتمله العرف ولا الشرع.
Bogga 16