Sudan
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)
Noocyada
الفرنسيون يتاخمون الحبشة بمستعمرة جيبوتي المعروفة بالصومال الفرنسي، ومنها يمتد خط السكة الحديدية الرئيسي بالحبشة من أديس أبابا إلى ميناء جيبوتي، وهو أهم طريق للتجارة.
الاتفاقات الدولية
الاتفاق الإنكليزي الفرنسي الإيطالي عقد في 12 ديسمبر سنة 1906، وبمقتضاه تحدد سرا بين الدول الثلاث مركز كل دولة في الحبشة ومناطق نفوذها ومصالحها الإقليمية، واتقاء لإيغار صدور سائر الدول وذرا للرماد في أعين الحبشان تضمنت ديباجة هذا الاتفاق توكيد استقلال الحبشة والمحافظة على وحدتها والحيلولة دون وقوع الاضطرابات فيها. فإذا وصلنا إلى المادة الرابعة من هذا الاتفاق انتهينا إلى بيت القصيد، وضبطنا السادة الثلاثة في حالة التلبس، تضمنت المادة الرابعة تقسيم المصالح الاقتصادية في الحبشة بين الدول الثلاث، وإذا قلنا المصالح الاقتصادية في الحبشة قلنا كل شيء، وهذه المصالح تتلخص في إطلاق يد كل دولة في المناطق الحبشية المتاخمة لمستعمراتها.
ومن الغريب أن الفقرة الأولى تتضمن أن مصالح بريطانيا العظمى ومصر في حوض النيل الأزرق تتناول بصفة رئيسية تنظيم مياه هذا النهر وروافده.
لهذا أتمنى أن تعود وزارة الأشغال المصرية فيما عسى تستطيع مصر أن تفيده من هذا الاتفاق الثلاثي الدولي الخطير في حوض النيل الأزرق ومنابعه، وتتضمن المادة التاسعة من هذا الاتفاق على أن الدول الثلاث قد اتفقت على أن كل مشروع بإنشاء سكة حديدية في غرب أديس أبابا تنفرد إنكلترا به، كما أن مشروع إنشاء سكة حديدية لربط مدينة بنادر في الصومال الإيطالي بإرترية الإيطالية تنفرد بالإشراف عليه والاستئثار به إيطاليا... أما فرنسا فقد استأثرت عمليا بخط جيبوتي أديس أبابا.
وتقدم هذا الميثاق الثلاثي اتفاق بين الحبشة وإنكلترا تم في 28 أغسطس سنة 1904، تضمن ترخيص النجاشي منليك للإنكليز بإنشاء سكة حديدية من الصومال البريطاني إلى حدود السودان المصري، بشرط أن توافق على ذلك كل من فرنسا وإيطاليا، ولهذا السبب نشطت إنكلترا إلى عمل ذلك الميثاق الثلاثي في عام 1906 كما تقدم؛ لتأمن كل عقبة في طي المستقبل.
والواقع أن الإنكليز قد سهروا على رعاية مصالحهم، وقد حوت المادة الثالثة من هذا الاتفاق أنه لا يجوز إقامة أعمال على النيل الأزرق وبحيرة تسانا ونهر السوباط من شأنها أن تمس جريان المياه بغير موافقة الحكومة البريطانية وحكومة السودان، ومن المهم أيضا أن نذكر بأن المادة الخامسة تضمنت الترخيص لبريطانيا العظمى بإنشاء خط حديدي عبر بلاد الحبشة ليربط السودان بأوغندا (كنيا).
وأوضح أن هذا الاتفاق الخطير قد خول الإنكليز حق التدخل في إقاليم الحبشة، وأنشأ لإنكلترا حقا صريحا في مسائل الماء والسكك الحديدية ببعض مناطق الحبشة، وهذا مما أكسب الإنكليز نفوذا عظيما لتوطيد الاستعمار البريطاني في شمال أفريقيا.
وقد حفز هذا النشاط الإنكليزي ساسة فرنسا إلى منافسة جديدة في الحبشة؛ فقد نشطت حكومة فرنسا إلى إقناع حكومة النجاشي بإبرام معاهدة في سنة 1912 ترخص لفرنسا بحق إنشاء سكة حديدية تمتد من جيبوتي إلى هرر إلى أنطوطو إلى إقليم كافا إلى النيل الأبيض، وفيه كسب متبادل للحبشة ولفرنسا، ولكن هذا المشروع لم ينفذ حتى الآن.
غير أن حكومتي إنكلترا وإيطاليا تحالفتا على الغنيمة حلفا جديدا.
Bog aan la aqoon