379

Sudan

السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)

Noocyada

واستدعى الأمر ترميمات كثيرة حتى ثبت البناء كما هو مدون في تقارير وزارة الأشغال من سنة 1912 إلى سنة 1916.

أما التعلية الأخيرة، فإن تاريخها لا يزال عالقا بالذاكرة، ولا يزال ماثلا للأعين أن اللجنة الدولية التي دعيت لدرس التعلية الثانية في سنة 1928 لم تأخذ برأي السير ماكدونالد - مستشار الخزان الفني - في طريقته الفنية للتعلية، ولا برأي المستر بكلي الذي كان معهودا إليه بتحضير مشروع التعلية (راجع تقرير اللجنة الدولية ص4 الذي نشرته الحكومة المصرية)، وكان الرأي السائد في اللجنة هو رأي المستر كوبر العضو الأمريكي. ومما هو جدير بالذكر أن وزارة الأشغال أخذت عهدا على السير ماكدونالد أن ينفذ التصميم الذي وضعته اللجنة الدولية حين تعيينه مستشارا فنيا للتعلية. (1-1) منطقة السدود

ألقى الدكتور هيرست - مدير مصلحة الطبيعيات - محاضرة علمية بجمعية الفنون الملكية بلندن عن منطقة السدود ننشرها فيما يلي:

إن المقصود بالسدود هنا تلك النباتات الطفيلية والحشائش وأشجار البردي التي تعوق انحدار الماء في بعض فروع النيل الأبيض. وهي كثيرة وكثيفة في المنطقة الواقعة بين خطي عرض 6 و10، حيث يجري بحر الجبل وبحر الظراف وبحر الغزال ونهر بيبور وبعض فروعه. وهي تنمو كذلك في طريق النيل في أوغندا، بيد أن انتظام الملاحة في الوقت الحاضر في بحر الجبل والظراف والغزال تجعل تماسك هذه العشاب نادرا. وقد كانت في الماضي تلتف حول بعضها وتنمو وتتكاثف؛ فتعيق الملاحة شهورا كما قال سير صموئيل بيكر.

و(منطقة السدود) تطلق الآن على الإقليم المليء بالمستنقعات الذي يحف ببحر الجبل وبأعالي بحر الظراف فيما بين بحيرة «نو» و«وبور» على خط عرض 6، ويجوز أن ندمج فيها كذلك إقليم المستنقعات الذي يحف ببحر الغزال، وإقليم بيبور الذي لبعض نهيراته صفات ومميزات بحر الجبل وبحر الغزال.

لم يكن أعالي النيل الأبيض معروفا قبل أن تجوسه البعثات التي أرسلها من مصر المغفور له محمد علي باشا فيما بين سنة 1839 وسنة 1842. وقد أنشئت بعد ذلك في تلك المناطق محاط تجارية، وأتم السياح الأوربيون اكتشاف ذلك الإقليم بالتدريج إلى أن كانت ثورة المهدي، فامتنع السودان على المكتشفين في المدة بين سنتي 1882 و1898، ولم يكن معروفا في ذلك الوقت عن نظام فروع النيل وأهمية النيل الأزرق والنيل الأبيض إلا النزر اليسير.

وقد أورد سير هنري لبونز في كتابه (جغرافية النيل) كل ما كان معروفا عن حوض النيل حتى سنة 1905. وإنه لمن دواعي سروري أن يكون رئيس هذا الاجتماع هو سير هنري ليونز نفسه. الذي كان في مقدمة الذين ارتادوا هذا الإقليم من العلماء الباحثين.

وصف منطقة السدود

يخرج مجرى النيل الأبيض من بحيرتي فيكتوريا وألبرت في سهول أفريقيا الوسطى، ثم ينحدر في الوديان المسطحة التي يتكون منها السودان الجنوبي. وهناك يلتقي ببحر الغزال ثم بنهر السوباط الذي يستمد أكبر كمية من مائه من مرتفعات الحبشة.

وأكثر فروع النيل تفيض بشدة في موسم الأمطار. ويضعف انحدارها أو يكاد أن يتلاشى في موسم الجفاف. وبعض الفروع يفيض في الوديان فيكون المستنقعات، ونظرا لانتظام سيل الماء من البحيرات ترى أن بحر الجبل يختلف اختلافا كليا عن سائر فروع النيل، حيث لا يطرأ عليه تغيير كبير في موسمي الفيضان أو الجفاف. وإلى هذا الانتظام ثم إلى إمكان صيانة الماء من الانسياب في المستنقعات بإقامة السدود على البحيرات يرجع الفضل في أهمية بحر الغزال إلى كل مشروع يراد به الانتفاع بجميع ماء النيل.

Bog aan la aqoon