فأخبرها زوجها بأنها حظيت بنسمة مباركة، إذ لم تكن السيدة حليمة يوما تطمع في أن تذكر هذا الذكر بين الناس، وأن تحظى بذلك التشريف، فحسبها من شرف أنها أمه، وشيء آخر هو أن أرض بني سعد ما كان أجدب منها أرض في ذلك العام، فكانت أغنام بني سعد تروح جياعا، وأغنام هذه السيدة تروح شباعا.
وانتشر ذكر بني سعد بين الناس إلى اليوم، لتشرّفهم بإرضاع النبي ﷺ وحسبهم من شرف ما كان
يقوله محمد ﷺ لأصحابه: «أنا أعربكم، أنا قرشي، واسترضعت من بني سعد بن بكر» .
وإخوته ﷺ من الرضاعة من بني سعد (عبد الله بن الحارث، وأنيسة بنت الحارث، وحذافة أو جذامة بنت الحارث، الملقبة بالشيماء، تلك التي كانت تحضن رسول الله ﷺ، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، ابن عم رسول الله ﷺ .
وحمزة بن عبد المطلب عمه ﷺ أخو النبي من الرضاعة من وجهين، من جهة ثويبة، ومن جهة السعدية. وقد بقي الرسول ﷺ مع بني سعد حتى إذا كانت السنة الرابعة أو الخامسة من مولده، وقع حادث شق صدره، ففي مسلم عن أنس إن رسول الله ﷺ أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه ثم أعاده إلى مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه- يعني ظئره- فقالوا: إن محمدا قد قتل، فاستقبلوه وهو ممتقع اللون، وخشيت عليه حليمة بعد هذه الوقعة حتى ردته إلى أمه، فكان عند أمه.
كفالته ﷺ
كان لعبد الله بن عبد المطلب مكانة خاصة في فؤاد عبد المطلب ظهر ذلك في معاملة عبد المطلب حفيده محمدا ﷺ فرق عليه رقة لم يرقها على أحد من أولاده، فكان لا يدعه لوحدته المفروضة، بل يفضله على أولاده.
قال ابن هشام: كان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له، فكان رسول الله ﷺ يأتي وهو غلام جفر حتى يجلس عليه، فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه، فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم: دعوا ابني هذا فو الله إن له لشأنا ثم يجلسه معه على فراشه، ويمسح ظهره بيده ويسره ما يراه يصنع.
المقدمة / 7