وكل ما نستطيع أن نقوله ردا على ذلك هو: أن الأساس الوحيد للتقريب بين اسپينوزا واليهودية في هذه الحالة يغدو هو الأساس العنصري؛ أي إن اليهود يفترضون أن مجرد انتماء اسپينوزا إلى عنصرهم لا بد أن يصبغ تفكيره بصبغة اليهودية، وإذا كانت هذه النزعة العنصرية هي آخر ما يمكنهم الالتجاء إليه من الحيل، فلا مفر للمرء من أن يشير، في معرض الرد عليهم، إلى أن هذه النزعة ذاتها هي التي ظلت دائما موضوعا لشكواهم من خصومهم؛ فهم منذ أقدم العصور يأخذون على خصومهم تأكيدهم لفكرة العنصرية، ومع ذلك فهم لا يترددون في تأكيد هذه الفكرة ذاتها إذا ما شعروا بأنها تخدم مصالحهم. •••
ولكي لا يظل حكمنا هذا مبنيا على أساس التخمين وحده، سنقدم مثالا محسوسا لمدى تشابه طريقتي التفكير اليهودية والمعادية السامية في هذا الصدد، فسوف نضرب مثلا لشارح نازي يقرب بين اسپينوزا وبين اليهودية على نفس النحو الباطل الذي حاول به الشراح اليهود ذلك، وسنشير إلى أوجه الشبه القوي بين اليهود وأعدائهم في طريقة المقارنة بين اسپينوزا واليهودية، بحيث لا يكون للمرء مفر من أن يستنتج أن الطرفين معا وجهان لقطعة عملة واحدة، كما يقول التعبير الإنجليزي المعروف؛ فالوسيلة، وهي تأكيد العوامل العنصرية، واحدة في الحالتين، والهدف ذاته واحد، وهو تأكيد العوامل العنصرية، واحدة في الحالتين، والهدف ذاته واحد، وهو تأكيد انتماء اسپينوزا إلى اليهودية، وإن يكن هذا التأكيد يرمي في الحالة الأولى إلى تمجيد اليهودية عن طريق نسبة اسپينوزا إليها، ويرمي في الحالة الثانية إلى الحط من شأن اسپينوزا عن طريق ربطه بعنصر تنصب عليه الكراهية.
ففي بحث «جرونسكي
Grunsky » عن اسپينوزا (وهو يختار له عنوانا ذا دلالة، هو «باروخ اسپينوزا»؛ أي إنه تمسك باسم باروخ كما فعل كثير من الشراح اليهود المتعصبين، ضاربا عرض الحائط، مثلهم، بتخلي اسپينوزا عن هذا الاسم)، يستمد من حياة اسپينوزا وشخصيته وقائع يعتقد أنها تقرب بينه وبين اليهودية؛ فهو يقارن بين تشبيه اسپينوزا لنفسه بالثائر «مازاينلو»، وبين ذلك الحرص والحذر الشديدين الذين كان يبديهما في كتاباته، واستخدامه كلمة «حذار
Cante » شعارا له، ويؤكد أنه كان يهرب من كل صراع علني هربه من الطاعون، ولم يوقع باسمه الكامل سوى واحد فقط من مؤلفاته، هو ذلك الذي لم يعرض فيه آراءه الخاصة. وقد ألفه ليكون وسيلة إلى لفت أنظار كبار الساسة في عصره، مثل ديڨيت.
63
ويستغل هذا الكاتب كثيرا تلك الحقيقة التي كانت عندئذ قد كشفت حديثا، وهي أن اسپينوزا كان في شبابه تاجرا ناجحا، على عكس ما قاله عنه «كوليروس» من أنه كان فقيرا ذا ميراث ضئيل، ويشكك في كونه قد تخلى عن ميراثه كما قال، ويرى أن زهده المزعوم في المال ربما كان قناعا أخفى وراءه معاملاته المالية والتجارية.
64
وهو يشبه علاقة الضرورة القائمة بين الصفات والجوهر، عند اسپينوزا، بعلاقة الضرورة القائمة بين كلمات التوراة وبين الله في اليهودية،
65
Bog aan la aqoon