Speeches and Lessons of Sheikh Abdul Rahim Al-Tahan
خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان
Noocyada
ثم تَفَّكرْ – يا عبد الله – في رعاية الله لك، وعنايته بك بعد خروجك من الدنيا، حيث والى ربنا عليك إنعامه وبره، وواصل إحسانه ولطفه، فساق لك غذاءً خالصًا سائغًا، موافقًا لتغذيتك وصحتك، وفي تكوين تلك الغذاء من الأعاجيب العجيبة، والأسرار البديعة، والحكم العالية الجليلة، التي تضطر صرائح العقول وتلجئها إلى الإقرار بأن فاعل ذلك هو الله الحكيم الرحيم الغفور، وبيان ذلك كما قرر الإمام الرازي – عليه رحمة الله – في تفسيره، وإليك كلامه مع طوله، ففيه ما يقوي الإيمان، ويربط القلوب بالرحيم الرحمن.
الأول: خلق الله – ﷾ – في أسفل المعدة منفذًا يخرج منه ثُفْلُ الغذاء فإذا تناول الإنسان غذاءً، أو شَرْبة ً رقيقة ً انطبق ذلك المنفذ انطباقًا كليًا لا يخرج منه شيء من ذلك المأكول والمشروب إلى أن يكمل انهضامه في المعدة، وينجذب ما صفا منه إلى الكبد ويبقى الثقل هنالك فحينئذ ينفتح ذلك المنفذ، وينزل منه ذلك الثُّفْل.
... وهذا من العجائب التي لا يمكن حصولها إلا بتدبير الفاعل الحكيم، لأنه متى كانت الحاجة إلى بقاء الغذاء في المعدة حاصلة انطبق ذلك المنفذ، وإذا حصلت الحاجة إلى خروج ذلك الجسم عن المعدة انفتح، فحصول الانطباق تارة والانفتاح أخرى بحسب الحاجة وتقدير المنفعة مما لا يتأتى إلا بتقدير الفاعل الحكيم.
الثانية: أود الله – ﷻ – في الكبد قوة تجذب الأجزاء اللطيفة الحاصلة في ذلك المأكول، أو المشروب، ولا تجذب الأجزاء الكثيفة، وخلق في الأمعاء قوة تجذب تلك الأجزاء الكثيفة التي هي الثُّفْل، ولا تجذب الأجزاء اللطيفة ألبتة، ولو كان بالعكس لاختلفت مصلحة البدن، ولفسد نظام هذا التركيب.
1 / 37