265

Speeches and Lessons of Sheikh Abdul Rahim Al-Tahan

خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان

Noocyada

".
... قال أهل اللغة: المراد باشتمال الصماء هو: أن يجلل المكلف جسده بالثوب لا يرفعه منه جانبًا، ولا يبقي ما يخرج منه يده، قال ابن قتيبة: سُميت صماء لأنه يسد المنافذ كلها، فتصير كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق، ولا صدع، فالكراهية في هذه الحالة، لئلا يعرض له حاجة من دفع بعض الهوام ونحوها، أو غير ذلك، فيعسر عليه إخراج يده، أو يتعذر عليه ذلك، فليحقه الضرر.
... وأما الفقهاء فقالوا: المراد من اشتمال الصماء هو: أن يلتحف المكلف بثوب ليس عليه غيره، ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على أحد منكبيه، فيتعرض فرجه للانكشاف، وعليه فكراهية ذلك لئلا يؤدي إلى انكشاف العورة، فيرتكب السيئات، وتبطل الصلوات (١) .
وهذا المعنى أوفق بسياق الحديث الشريف، وبمقصود الشارع من تفسير اللغويين، لأن ذلك اللباس الذي ذكروه في تفسير اشتمال الصماء لا يكاد يلبسه أحد، فهو مما فطر الله العباد على التنزه عنه والابتعاد، أما على تفسير الفقهاء اشتمال الصماء، فهو عدا عن مشاهدته من كثير من السفهاء والأغبياء، فمقصود الشارع يتعلق به بلا امتراء، فستر العورات من صميم مسائل الحياء، وكشفها يؤدي إلى حلول سخط رب الأرض والسماء، ورضي الله عن إمام الفقهاء، وشيخ المحدثين الأتقياء، الإمام البخاري عندما أورد هذا الحديث في كتاب الصلاة – وبوب عليه بابًا يشير به إلى اختياره لتفسير الفقهاء لحديث اشتمال الصماء، فقال: باب ما يسير العورة، مشيرًا بذلك إلى أن اشتمال الصماء لا يحقق ستر العورة، ويؤدي إلى بطلان الصلاة.

(١) انظر فتح الباري: (١/٤٧٧)، وشرح الإمام النووي على صحيح مسلم –: (١٤/٧٦)، وغريب الحديث لأبي عبيد: (٢/١١٨) وفيه: الفقهاء أعلم بالتأويل في هذا، ولسان العرب: (١٥/٢٣٩) "صمم" والفائق في غريب الحديث: (٢/٣١٤-٣١٥) .

1 / 265